top of page
التداعيات السياسية والاقتصادية لحركة التجارة الدولية للحرب الإسرائيلية على غزة 2023 (مضيق باب المندب دراسة حالة)
صدام عبدالله راشد العرقان

وزارة الإدارة المحلیة الأردنیة

د. عبد الله راشد سلامة العرقان

جامعة آل البيت

كلية بيت الحكمة للعلوم

السياسية والدراسات الدولية

الملخص

 

الأهداف : هدفت الدراسة الى البحث في التداعيات السياسية والاقتصادية لحركة التجارة الدولية للحرب الإسرائيلية على غزة 2023 من زاوية مضيق باب المندب واستخدامه من قبل الحوثيين كأداة للضغط على الجانب  الإسرائيلي لإيقاف عدوانه على غزة .

المنهجية : اعتمدت الدراسة على المزاوجة بين المنهج الوصفي التحليلي وذلك لوصف وتحليل عناصر ومرتكزات البحث، ومنهج تحليل النظام الدولي في إطار الحديث عن التداعيات السياسية والاقتصادية على قيود حركة التجارة الدولية في مضيق باب المندب إثر الحرب الإسرائيلية على غزة 2023.

النتائج : أظهرت الدراسة ان إغلاق باب المندب وتقييد حركة التجارة أثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي، مع تعطيل سلاسل التوريد العالمية وارتفاع التكاليف ، وكذلك تأثر قطاع الشحن العالمي بشكل مباشر، حيث قامت الشركات بتغيير مسارات سفنها لتفادي المنطقة المتأثرة، مما زاد من تعقيدات حركة التجارة ، وأيضا أظهرت الدراسة ان إغلاق باب المندب تسبب  في قلق دولي بشأن تأثيره على استقرار الملاحة العالمية والتجارة البحرية، مما دفع إلى تشكيل تحالف دولي لحماية حركة المرور البحرية في المنطقة ، وبالتالــي زيـــادة التوتـــر في المنطقــة والتي قد تــؤدي في نهايتهــا إلى حـــرب إقليمية مدمرة.

الخلاصة : خلصت الدراسة الى ان محاولة اغلاق مضيق  باب المندب اثر بشكل كبير على حركة التجارة الدولية للحرب الإسرائيلية على غزة 2023، بحيث كان لها العديد من التداعيات السياسية والاقتصادية ، والذي كان ينبغي على العالم أجمع وعلى رأسة الولايات المتحدة وأوروبا وقف دعمهم اللامحدود لإسرائيل في عدوانها على غزة ، وكذلك الضغط عليهم لإيقاف هذا العدوان وإعادة اعمار غزة وفتح كل المنافذ والمعابر البرية والبحرية  والجوية كي يعيش أهلها بكرامة وتحقيق كل سبل الحياة لهم ، واستخدام الحوار الدولي لحل النزاعات وتعزيز التفاهم بين الأطراف المعنية، مما يساعد في تحقيق استقرار المنطقة وتخفيف التوترات .

الكلمات المفتاحية : مضيق باب المندب ، حركة التجارة الدولية ، غزة ، إسرائيل ، التداعيات السياسية والاقتصادية .

Pdf
تاريخ التسليـم: 04/01/2024
تاريخ القبــول: 01/02/2024
تاريــــخ النشــر: 14/02/2024

مج3، ع1، ص21-28.
2-01.png

المقدمة

        بعد عملية طوفان الأقصـى التي حدثت في السابع من أكتوبر، شرَع الحوثيون في استهداف السفن التجارية المتجهة من وإلى إسرائيل والتي تمر عبر مضيق باب المندب في سبيل التضامن مع قطاع غزة ومحاولةً منهم الضغط على إسرائيل في إيقاف الحرب وإمداد القطاع بمساعدات إنسانية طبية وغذائية. 

        لم يأتي استهداف الحوثيين للسفن التجارية عبر مضيق باب المندب عبثاً فهو يعتبر ممر مائي حيوي يقع بين اليمن في الجنوب وجيبوتي وإرتيريا في الشمال، كما يُعد هذا المضيق أحد أهم الممرات المائية في العالم، حيث يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن في المحيط الهندي، ويُعد الممر البحري الوحيد الذي يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، ويمر من خلاله ثلث سفن الحاويات العالمية يوميًا، وما يقارب 10% من النفط المنقول بحرياً يمر بشكل يومي عبر المضيق وفقاً لوكالة الطاقة الدولية([1]) .

        وكردٍ على هجمات الحوثيين، نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات عسكرية واسعة النطاق ضد مواقع في اليمن يسيطر عليها المسلحون الحوثيون، وتشير الضـربات إلى أن إدارة بايدن تعتزم شن حملة مستمرة ومفتوحة، ضد جماعة الحوثيون والتي عطلت حركة المرور في الممرات البحرية الدولية الحيوية، كما أصابت هذه الضـربات الرادارات ومواقع الطائرات بدون طيار والصواريخ ومخابئ تخزين الأسلحة تحت الأرض([2]).

      وتعكس هذه المناورات الحربية مُحاولة الإدارة الأمريكية تقليص قدرة الحوثيين على تهديد السفن التجارية والسفن العسكرية، كما أعلنت الولايات المتحدة تدشين تحالف بحري، من أجل حماية سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين مع انضمام دول عديدة مثل البحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا وسيشيل والمملكة المتحدة([3]).

         وبالتالي فإنّ المخاوف من تصاعد العمليات العسكرية بين الحوثيين وإسرائيل تلقي بظلالها على آفاق الاقتصاد العالمي وتهدد بإضعاف النمو وإعادة إشعال ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، مع أن الدول الغنية والفقيرة كانت قد بدأت للتو بالتقاط أنفاسها بعد سلسلة من الصدمات السياسية والاقتصادية بما في ذلك وباء كورونا 19 والحرب الروسية الأوكرانية التي أحدثت ركوداً اقتصادية وارتفع التضخم وزادت المديونية العامة([4]).

مشكلة الدراسة واسئلتها :

       يزداد المشهد في الشـرق الأوسط تأزماً وخطورة مع استمرار الحرب والإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، حيث بدأت تتفاقم تأثيرات هذه الحرب مع امتدادها إلى الأراضي السورية والعراقية باستهداف القواعد الأمريكية المتواجدة فيها، وإلى جنوب لبنان حيث الهجومات الحدودية بين حزب الله اللبناني والقوات الإسرائيلية، وتالياً إلى البحر الأحمر مع إعلان جماعة الحوثيين الدخول رسمياً في حرب غزة تحت شعار نصـرة قطاع غزة، من خلال استهداف السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل.

       وفي خِضَم الحرب على غزة، تصاعدت حدَّة التهديدات البحرية في البحر الأحمر، لا سيَّما باب المندب، بسبب هجمات الحوثيين على السفن التجارية، حيث استولى الحوثيون على سفينة تجارية عالمية مُرتبِطة برجل أعمال إسرائيلي، جاء على إثر هذا الهجوم تعطيل السفن المُرتبِطة بإسرائيل أنظمة التتبُّع الخاصَّة بها أثناء إبحارها في البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي، بسبب المخاوف من شن عمليات اختطاف أو هجمات للحوثيين، إذ أنها لا تزال عُرضةً للاستهداف، الأمر الذي ترتب عليه تأثيرات اقتصادية وأمنية وسياسية دولية وإقليمية.

      وعليه فإنّ هذه الدراسة تسعى للإجابة عن تساؤلها الرئيس والمتمثل بـ: "ما التداعيات السياسية والاقتصادية لحركـــة التجارة الدولية في مضيــق باب المنـــدب إثـر الحـــرب الإسرائيلية على غزة 2023؟".

ويتفرع عن هذا التساؤل الرئيس عدة أسئلة تتمثل فيما يلي:

1. ما التداعيات السياسية على قيود حركة التجارة الدولية إثر الحرب إسرائيل على غزة 2023؟

2. ما التداعيات العسكرية على قيود حركة التجارة الدولية إثر الحرب إسرائيل على غزة 2023؟

3. ما التداعيات الاقتصادية على قيود حركة التجارة الدولية إثر الحرب إسرائيل على غزة 2023؟

أهداف الدراسة :

تسعى الدراسة لتحقيق الغايات الأتية:

1. التعرف إلى التداعيات السياسية على قيود حركة التجارة الدولية إثر الحرب إسرائيل على غزة 2023؟

2. التعرف إلى التداعيات العسكرية على قيود حركة التجارة الدولية إثر الحرب إسرائيل على غزة 2023؟

3. تحليل التداعيات الاقتصادية على قيود حركة التجارة الدولية إثر الحرب إسرائيل على غزة 2023؟

أهمية الدراسة :

تكمن أهمية الدراسة في المجالين العلمي والعملي ، وعلى النحو الاتي :

الأهمية العلمية:

1. إعداد دراسة حديثة حول موضوع البحث تكون مرجع للباحثين الدارسين.

2. رفد المكتبات العربية والأردنية بدراسة حديثة من هذا النوع.

الأهمية العملية:

  1. يمكن لصنّاع القرار في الدول العربية الاستفادة من هذه الدراسة.

  2. رصد التطورات العملية على أرض الواقع بمجريات التداعيات السياسية والاقتصادية لتقييد حركة التجارة الدولية في مضيق باب المندب إثر الحرب إسرائيل على غزة 2023.

منهجية الدراسة :

       اعتمدت الدراسة على المزاوجة بين المنهج الوصفي التحليلي وذلك لوصف وتحليل عناصر ومرتكزات البحث، ومنهج تحليل النظام الدولي في إطار الحديث عن التداعيات السياسية والاقتصادية على قيود حركة التجارة الدولية في مضيق باب المندب إثر الحرب الإسرائيلية على غزة 2023.

الدراسات السابقة :

     قام الباحثان  بمراجعة  الدراسات السابقة التي عالجت قضايا مختلفة ذات صلة بموضوع الدراسة بغرض الاستفادة منها ، بحيث تم اختيار أكثرها قرباً ، ومنها الاتي :

دراسة عبد الحميد، شيماء. (2023). بعنوان: "تداعيات حرب غزة تمتد إلى الأمن البحري للشـرق الأوسط.. كيف نقرأ المشهد في البحر الأحمر"([5])

      هدفت الدراسة التعرف إلى تداعيات حرب غزة التي امتدت إلى الأمن البحري للشـرق الأوسط، كذلك تحليل التداعيات السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية، واعتمدت الدراسة على منهج الوصفي التحليلي، حيث توصلت الدراسة إلى أن استخدام سلاح الأمن البحري إلى الضغط على الولايات المتحدة وتل أبيب، مما دفع إلى فتح ملف استئناف تبادل الأسرى مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار تحت رعاية مصرية وقطرية.

دراسة حسين، حمدي. (2023). بعنوان: "تأثير الحرب على غزة في الاقتصاد الإسرائيلي"([6])

     هدفت الدراسة التعرف إلى تأثيرات الحرب الاقتصادية والسياسية على غزة، كذلك تحليل الاقتصاد الإسرائيلي حيث أن العوامل السياسية والأمنية في إسرائيل تضغط أكثر من العامل الاقتصادي في اتخاذ القرار المتعلق بوقف الحرب، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وتوصلت الدراسة إلى أنه بالرغم من الخسائر الاقتصادية التي تتكبّدها إسرائيل، إلا أنها ترى أن تحقيق الأمن ومعادلة الردع هي الحجة الاستراتيجية الملائمة التي تواجه بها الشارع المتضرر اقتصاديًّا، وتعتبرها مدخلًاً إلى ترميم القطاعات المتضررة.

دراسة السيد، محمد. (2024). بعنــوان: "حدود الاستفــادة الإسرائيليــة مــن الضربــات الأمريكية ضد الحوثيين"([7])

       هدفت الدراسة التعرف إلى أبعاد الاستفادة الإسرائيلية من الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين، حيث وسّع الحوثيون أهدافهم من مهاجمة سفن ترفع العلم الإسرائيلي، إلى السفن التي تُتاجر مع إسرائيل بشكل عام. كما شهدت تكتيكاتهم العسكرية تطوراً واضحاً؛ بما في ذلك استخدام الصواريخ البالستية، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، وتوصلت الدراسة إلى بغض النظر عن المدى الذي ستصل إليه الضـربات الأمريكية ضد الحوثيين، فمن المُرجّح أن تستمر تهديداتهم لإسرائيل.

دراسة الديب، أحمد. (2023). بعنوان: "الرد على الحوثيين: جدل محتدم في إسرائيل"([8])

     هدفت الدراسة التعرف على الجدل الدائر في تل أبيب حول غياب الرد الإسرائيلي العسكري على الحوثيين في الوقت الذي تتصاعد تهديدات وهجمات الجماعة ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل أو المملوكة لإسرائيليين في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتوصلت الدراسة إلى أن التأثيرات التي أحدثتها تلك الهجمات مساحة واسعة في الإعلام الإسرائيلي إذ يعد البحر الأحمر ممراً رئيسياً للسفن المتجهة من الشـرق الأقصـى والصين والهند ودول الخليج إلى ميناء إيلات الذي يعد أكبر ميناء إسرائيلي لاستيراد السيارات ومسؤول عن 3% من إجمالي حركة البضائع في إسرائيل.

دراسة الغويدي، فوزي. (2023). بعنوان: "تدخّل الحوثيين في حرب غزة: ما بين التكتيك والتأثير"([9])

       هدفت الدراسة التعرف إلى استراتيجية الحوثيين في حرب غزة الواقعة في السابع من أكتوبر لعام 2023، حيث تبنت في خطابها الحث على تحرير الأقصـى ومقاومة القوى الإمبريالية كما ينعكس ذلك في شعارها "الصـرخة، واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي في تحليل الظواهر، وتوصلت الدراسة إلى أنه من المرجح أن يستمر الحوثيون بشكل متقطع في إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار واستهداف السفن المرتبطة بإسرائيل لممارسة الضغط على إسرائيل لوقف الحرب مع تعزيز موقفهم في الوقت نفسه.

دراسة عامر، عبد الملك. (2023). بعنوان: "كيف غيرت الحرب على غزة من ديناميكيات السياسة العربية تجاه الإقليم"([10])

       هدفت الدراسة إلى تحليل سياسات يناقش التحولات التي تفرضها الحرب على غزة والتي قد تطال السياسات العربية تجاه الإقليم من جهة شكل التحالفات وتأثيراتها على مسارات المصالحة والسلام، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي من أجل التوصل إلى نتائج بارزة من أهمها، أن الحرب طرحت تحولات عدة على مستويات الدبلوماسية والتهديدات والأولويات، ومن المرجح أن تقوض الديناميكيات التي عملت عليها الدول العربية خلال الفترات السابقة وتحديداً تجاه رغبتها في السلام والتركيز على الشؤون الاقتصادية مقابل تحييد النزاعات السياسية لا سيما المعقدة منها.

ما يميز هذه الدراسة عن الدراسات السابقة:

تتميز هذه الدراسة عن الدراسات السابقة بأنها تناولت موضوع حديث ألا وهو التداعيات السياسية والاقتصادية على قيود حركة التجارة الدولية في مضيق باب المندب إثر الحرب الإسرائيلية على غزة 2023، وتحليل قيود حركة التجارة الدولية في مضيق باب المندب إثر الحرب الإسرائيلية على غزة، وأثره على التجارة الدولية والإقليمية وحركة السفن التجارية البحرية.

ونتيجة لما تم تناوله في اطار الدراسة النظري فانه سوف يتم دراسة هذا الموضوع ظمن محورين ، أولهما التداعيات والآثار السياسية والعسكرية ، وثانيهما التداعيات والآثار الاقتصادية.

المحور الأول: التداعيات والآثار السياسية والعسكرية

     بعد أن نفذ الجَناح العسكري لحركة حماس عملية "طوفان الأقصـى" في 7 أكتوبر 2023، تطوّرت الأحداث بشكل غير متوقع على الساحة الإقليمية استجابةً للحرب الإسرائيلية على غزة، حيث اتخذت جماعة الحوثيين في اليمن موقفًا غير متوقعًا بتوجيه جبهتها ضد إسرائيل ومصالحها في البحر الأحمر، واشترطوا وقف العدوان على القطاع وإدخال المساعدات الإنسانية كشرط لوقف تصعيدهم([11]).

       وبهدف تَجسيد جدية تهديداتها، رفض الحوثيون مرور أي سفينة مرتبطة بإسرائيل عبر مضيق باب المندب في جنوب البحر الأحمر، ففي 19 نوفمبر 2023، كما قامَت باحتجاز أول سفينة وهي "غالاكسـي ليدر"، التي تعود ملكيتها لرجل أعمال إسرائيلي، وتم اقتيادها إلى السَواحل اليمنية، واعتُبر هذا الإجراء تطوراً خطيراً على الساحة العالمية، حيث نجحت الجماعة في استعراض العلاقة الوثيقة نسبيًا بين التوترات الجيوسياسية المتزايدة في الشرق الأوسط وتحدي إسرائيل، ممّا زاد من التوترات في مَنطقة البحر الأحمر([12]).

     ويمثّل مضيق باب المندب تقاطعاً جيو اقتصادياً وسياسياً فعّالاً، حيث يتخذ موقعاً جغرافياً فريداً يتجاوز أهمية البحر الأحمر، وهذا يعني أنّ أي اضطراب يحدث في الممر المائي التجاري قد ينعكس على نطاق التجارة البحرية الدولية، نظرًا لكونه واحداً من أهم الممرات التجارية البحرية على مستوى العالم، مما يتسبب في تأثيرات على سلاسل التوريد العالمية وإمدادات الطاقة([13]).

      يُعد قطاع الشحن البحري العالمي هو المتأثر الأول والمباشر بتوترات البحر الأحمر، إذ اتجه العديد من شركات الشحن البحري إلى تغيير مسار سفنها لتبحر حول طريق رأس الرجاء الصالح، مما يزيد من وقت وصول السفن إلى واجهاتها إلى أكثر من أسبوعين، الأمر الذي سيسبب ضغوطاً إضافية على سلاسل التوريد العالمية، كثيراً من الدول لديها تخوفات من وجود سفن وبواخر أمريكية وأوروبية في منطقة البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة، خاصة وأن الكثير من الدول العربية تطل على المنطقة([14]).

     ومع تصاعد حملة الحوثيين المستمرة ضد السفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، قررت كبرى شركات الشحن العالمية، مثل "ميرسك" الدنماركية و "هاباج لويد" الألمانية و"MSC" السويسرية و"CMA CGM" الفرنسية، والتي تمثل ما يقرب من 50% من حركة شحن الحاويات حول العالم، تعليق المرور من خلال البحر الأحمر، كما أعلنت عمالقة النفط مثل "بريتش بتروليوم بي" البريطانية توقف شحناتها عبر هذا الممر الحيوي، الأمر الذي دفع إلى استنفار البحريات الأمريكية والبريطانية بشن هجمات عسكرية لردع تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية، إذ تأثرت الأسواق العالمية بشكل كبير وتسببت هذه التوترات في تداولات اقتصادية غير مستقرة في الممر البحري الحيوي، مما أدى إلى تفاقم التأثيرات السياسية والاقتصادية على الساحة الدولية([15]).

     وقد كان الهدف المُزعَم من استهداف الشحن من وإلى إسرائيل هو فرض وقف إطلاق النار في غزة، ورغم أن بعض السفن تضررت، إلا أنه لم يتم إغراق أي منها، وفي حدث أمني استثنائي استولى الحوثيون بشكل خاص على سفينة "غالاكسـي ليدر" المرتبطة بإسرائيل، وذلك في عملية شاركت فيها قوات كوماندوز باستخدام طائرة هليكوبتر، مما شكل تهديدًا استراتيجيًا للأمان البحري([16]).

     وفي نهاية الربع الثاني من 2023، قامت جماعة الحوثيين بتصعيد جديد يتمثل في منع مرور كافة السفن المتجهة إلى إسرائيل، مهددين بجعل تلك السفن "هدفًا مشروعًا" إذا لم يتم إدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة، جاء عَلى إثره موافقة مجلس الأمن الدولي على القرار الذي اقترحته اليابان والولايات المتحدة لإنهاء هجمات ميليشيات الحوثي على السفن التجارية في البحر الأحمر، ويطلب هذا القرار من مليشيات الحوثي الوقف الفوري لهجماتها في البحر الأحمر، والاستيلاء على السفن التجارية ([17])، مما يؤدي إلى تعطيل ما لا يقل عن 12% من التجارة البحرية العالمية والتدفق المنتظم لما يقرب من ثلث حركة الحاويات المنقولة بالمياه في العالم، والتي تقدر قيمتها بنحو تريليون دولار أميركي سنويًا([18]).

      وتشير ردود الفعل الأولية من قبل شركات التأمين البحري وشركات الشحن إلى أن هذه الهجمات تؤثر على عملية صنع القرار في الصناعة بشأن السفن ذات الروابط الإسرائيلية، حيث أصدرت بعض شركات الشحن تعليمات للسفن بالإبحار بدلاُ من ذلك حول جنوب القارة الأفريقية بالرغم من أنه طريق أبطأ وأكثر تكلفة([19]).

     علاوة على ذلك فقد تأثرت معظم الدول العربية بعد إغلاق الحوثيين لباب المندب وتقييد حركة التجارة الدولية، حيث قامت قطر بتعليق إمدادات الغاز الطبيعي المسال عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، باعتبارها أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بعد الولايات المتحدة، كما أعلنت شركة بريتش بتروليوم "بي بي"، تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر، واتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح جنوب دولة جنوب أفريقيا ممرا بديلا لشحنات النفط والغاز([20]).

      ومن المتوقع أن الطريق البديل سيلتف حول أفريقيا "رأس الرجاء الصالح"، وهو ما يطيل وقت الرحلات إلى البحر الأبيض المتوسط لمدة تتراوح بين أسبوعين و3 أسابيع، بالتالي سيتسبب في كلفة إضافية على الشحن، وهو ما يعاني منه المستوردون في تقييد حركتهم التجارية  إثر إغلاق المندب، كما أن ميناء إيلات الذي يعتمد على حركة السفن في البحر الأحمر، يمكن أن تشل حركته تماماً بسبب الوضع الأمني في المضيق، والذي يعتبر مسؤول عن 3% فقط من إجمالي حركة البضائع في إسرائيل، لكنه أكبر ميناء لاستيراد السيارات، إذ تصل إليه 44% من جميع المركبات التي تصل إلى إسرائيل([21]).

     وبالرغم من الإدانة الشديدة التي واجهها الحوثيون من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ورغم وصول تعزيزات بحرية من بريطانيا والدنمارك وسنغافورة والولايات المتحدة ضمن إطار عملية "حارس الرخاء"، وتنفيذ غارات جوية من قبل بريطانيا والولايات المتحدة، لا يزال الحوثيين يستمرون في تنفيذ هجماتهم، وتمثلت استجابتها لتلك التحديات بتشكيل الولايات المتحدة تحالف دولي يُعرف بـ "المبادرة الأمنية متعددة الجنسيات"، والذي يضم 27 دولة، من بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والبحرين، تَهدِف المُبادرة الأمنية إلى ضمان حرية المِلاحة لكل الدول، وتعزيز الأمان والازدهار في المنطقة([22]).

المحور الثاني: التداعيات والآثار الاقتصادية

     يعد مضيق باب المندب ممراً تجارياً حيوياً لما له من دور هام في انتظام سلاسل التوريد العالمية وعبور السفن مروراً بالبحر الأحمر ووصولاً إلى قناة السويس ومنها إلى أوروبا، وبالتالي يشكل ضغطاً كبيراً على عملية النمو الاقتصادي العالمي ككل؛ وإنّ أية عمليات عسكرية حوله ستكون لها آثار سلبية على منطقة الشـرق الأوسط خاصة فيما يتعلق بأسعار الطاقة والأمن الغذائي والتجارة البحرية الدولية؛ وبالتالي فإنّ هذه الاضطرابات من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمتمثلة في رفع تكلفة الشحن وزيادة تكلفة التأمينات على مرور السفن (علاوة المخاطر)، فعلى الرغم من أن هجمات الحوثيين تستهدف بشكل رئيسـي الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن تداعياتها تمتد إلى العديد من اقتصاديات المنطقة العربية، بما في ذلك الاقتصادات الخليجية والمصرية والأردنية([23]).

     فمن جانب الاقتصاد المصـري، تراجَعت إيرادات قناة السويس التي بلغت 9.4 مليار دولار باعتبارها أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد، إذ إن تعليق شركات الشحن لعبور سفنها من البحر الأحمر سيؤدي إلى تكلفة على مصـر تقدر بنحو 600 ألف دولار لكل سفينة، وبالتالي انخفاض عائدات الخدمات المصـرية بنحو نصف مليار دولار خلال الأسابيع الستة القادمة([24]).

       من جانب آخر سيتأثر الأردن بإغلاق التجارة عبر باب المندب، لا سيّما أنه يعتمد على ميناء العقبة المجاور لميناء إيلات، والذي لا يوجد بديل للأردن عنه في تجارته الخارجية المنقولة بحرا، وعلى صعيد مستوردات الأردن من خلال المضيق، فقد بلغت نسبتها 30% من إجمالي المستوردات الكلية للأردن، والتي وصلت إلى حوالي 22 مليار دولار سنوياً، كما أنّ نسبة السلع المستوردة من الصين والهند تأتي بالعموم عبر مضيق باب المندب، وتشكّل الحصة الأكبر  تقريباً 19% من مُستوردات الأردن الكلية من العالم، ووصلت حِصّة بعض السلع الواردة إلى الأردن عبر المضيق كالأقمشة مثلاً، إلى ما نسبته 89% من إجمالي استيراد الأردن من نفس المنتج من جميع دول العالم، فيما بلغت المستوردات من الآلات والمعدات الكهربائيـة والميكانيكيـة ما نسبتــه 73%، أما المركَبــات فقــد شكلت 55%([25]).

         وبالتالي فإنّ ما يُقارب ثُلث مستوردات الأردن تأتي عبر مضيق باب المندب، ولهذا فإن أي إغلاق للمضيق قد يؤثر بشكل ملموس على السوق الأردني من خلال رفع كلف العملية الإنتاجية نتيجة الانقطاعات المحتملة وارتفاعات كلف الشحن والنقل، أما بخصوص صادرات الأردن عبر مضيق باب المندب، فقد وصل متوسط قيمة الصادرات الأردنية من خلال المضيق إلى بلدان العالم أكثر من 2.1 مليار دولار سنوياً خلال الفترة 2022-2023، وهي تشكل ما نسبته 21.4 بالمئة من إجمالي صادرات الأردن الكلية إلى العالم([26]).

     وفي الحديث عن التداعيات الاقتصادية إثر إغلاق باب المندب، تشير التقارير إلى أنّ الواقع الجديد في التجارة البحرية عبر هذا الممر يزيد من تعقيدات الأزمة الاقتصادية، حيث تعتبر بدائل الشحن البحري باهظة التكاليف، ويُصبح من الصعب على الاقتصاد الإسرائيلي تحملها على المدى البعيد، فقد تمثّل التهديد الرئيسـي للاقتصاد الإسرائيلي في انخفاض حجم الاستثمار الأجنبي بنسبة 60% مع تراجع ملحوظ في قيمة عملة الشيكل، علاوة على ذلك ظهرت مؤشرات على وجود أزمة صناعية تؤثر في المناطق التي تَعتمد بشكلٍ كبير على الاستثمارات الخارجية ([27]).

     ويمكن القول أنّ إسرائيل وصَلَت للوضع الحرج، خاصَة في ظل الانخفاض الحاد في قطاع السياحة، وانخفاض معدل النمو الاقتصادي، وتدفُق العَمالة إلى الخارج، كما أنّ تقييد حركة التجارة إثرَ إغلاق باب المندب كلّفت إسرائيل ما يقرُب من 6.8 مليار دولار حتى منتصف شهر نوفمبر 2023، ما يُعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المُحتمل أن تَصل التكلفة الاقتصادية إلى نحو 9.6 مليار دولار على الأقل، وفقًا لبنك "هبوعليم الإسرائيلي"، أي ما يُعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، بالإضافة إلى ذلك فإنّ استدعاء نحو 350 ألف جندي احتياط، الذين اضطروا إلى ترك وظائفهم، مما سيؤثر سلبًا في الاقتصاد الإسرائيلي([28]).

    ضغوط على العملة الإسرائيلية؛ حيث إنّ إسرائيل ستستخدم 30 مليار دولار من احتياطاتها البالغة 200 مليار دولار للحفاظ على استقرار سعر صرف الشيكل منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر، خاصة بعد أن خسـر الشيكل 3.84% من قيمته؛ إذ يتم تداول 3.99 شيكل مقابل دولار واحد، على الرغم من إعلان البنك المركزي عن حزمة غير مسبوقة بقيمة 45 مليار دولار للدفاع عنه ويتجه نحو أسوأ أداء سنوي له هذا القرن([29]).

     انخفاض سوق الأوراق المالية: تُعتبر الأسهم الإسرائيلية هي الأسوأ أداءً في العالم منذ إغلاق باب المندب، حيث انخفض المؤشر الرئيسـي في تل أبيب بنسبة 15% من حيث القيمـة الدولارية وهو ما يعـادل 25 مليـار دولار وانخفـاض المؤشـر الرئيســي لبورصـة تل أبيب.

      توتر حركة التجارة البحرية العالمية: سبق وأن اختطف الحوثيون في 19 نوفمبر 2023، سفينة الشحن "جلاكسـي ليدر" في البحر الأحمر، وعلى متنها نحو 25 من أفراد الطاقم، ومن الجدير بالذكر أن تكرار مثل هذه الأحداث قد يؤثر سلبًا في حركة التجارة البحرية العالمية التي يمر نحو 7% منها عبر البحر الأحمر وباب المندب، كما أنّ مُعظم أنشطة التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا تمر عبره، ويمر فيهما نحو 4 ملايين برميل من النفط عبر مضيق باب المندب يوميًّا في طريقها إلى أوروبا البحر الأحمر يمُر به سنويًّا([30]).

     تقلب أسعار مصادر الطاقة: تجاوبت أسعار النفط الخام بحساسية مع التوترات في الشـرق الأوسط، فقد شهدت أسعار النفط ارتفاعًا يقدر بحوالي 6% تقريباً، في المقابل لم تشهد أغلب المعادن الصناعية والسلع الزراعية وغيرها من السلع الأساسية سوى تقلبات طفيفة أو معدومة في الأسعار، ورغم تلك التقلبات إلا أنّ استمرار تهديد الحوثيين بإغلاق مضيق باب المندب وتوسيع الجيش الإسرائيلي لنشاطه البري في غزة أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط منذ بداية  شهر نوفمبر 2023([31]).  

      وشهدت أسعار النفط قفزة تقدر بنسبة 4% بعد تغيير مسار ناقلات النفط المارة في البحر الأحمر، استجابةً للضربات الجوية والبحرية التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد مواقع للحوثيين في اليمن، وارتفع سعر تداول برنت ليتجاوز 80 دولاراً بسبب التوترات الجيوسياسية المتزايدة، قبل أن يتراجع إلى حوالي 78.3 دولار، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة 4% ليتجاوز 75 دولاراً، ثم استقر قريباً من 73 دولاراً في التعاملات التجارية. وهو ما تشير إليه التقارير إلى أنّ أكثر من 20 مليون برميل يومياً من النفط يتحركون عبر مضيق باب المندب، ما يعادل حوالي 20% من الاستهلاك العالمي([32]).

      وبخصوص الغاز الطبيعي، يستبعد أن تتأثر أسعاره بنفس درجة تأثر النفط بالنظر إلى ارتفاع عدد الدول الأوروبية التي أعلنت تجاوز مستوى التخزين لديها 80% من احتياجاتها، فضلا عن تحوط الدول الأوروبية بمزيد من البدائل بعد الحرب الروسية الأوكرانية عبر اللجوء إلى دول أفريقية، ومن المتوقع أن تظل الأسعار في نطاق 2.5 إلى 3 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية([33]).

     وبحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية فإنّ أكثر من ثمانية ملايين برميل يومياً يمر عبر مضيق باب المندب، وتقديرات أخرى تقول أن أسواق  الطاقة العالمية ستخسـر 6.5 مليون برميل يومياً، وبدون شك سيكون هناك نَقص في الأسواق، بما سيدفع  إلى ارتفاع الأسعار إلى 110 دولار للبرميل، حسب تَقديرات بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس([34]).

     وفيما يتعلق بسلاسل الإمداد العالمية: فإن إغلاق باب المندب وتقييد حركة التجارة البحرية أثر بشكل كبير على تعطيل سلاسل التوريد العالمية وأسواق السلع الأساسية، وفقًا لتقرير "آفاق أسواق السلع الأساسية" الصادر عن البنك الدولي، الذي يشير بأن استمرارية حدة الصـراع وتمسك الأطراف بمواقفها، فإن الاقتصاد العالمي سيواجه صدمة طاقة هائلة للمرة الأولى منذ عقود.

     يُعزى هذا التأثير إلى العواقب الوخيمة التي تركتها حرب روسيا الأخيرة مع أوكرانيا، حيث أصبحت التداولات الاقتصادية غير مستقرة، وتفشل سلاسل التوريد في تلبية احتياجات الأسواق العالمية، كما أدّت المخاوف بشأن الاضطرابات المحتملة في خطوط الأنابيب التي قد تؤدي إلى تقلب سلاسل التوريد العالمية، إلى ارتفاع كبير في أسعار الغاز في جميع أنحاء أوروبا خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2023، ووفقًا لمسؤولي البنك الدولي، فإن مدى الصـراع بين إسرائيل وغزة ومدة ارتفاع أسعار النفط سوف يحددان تأثيرهما على التضخم والاقتصاد العالمي([35]).

      إلى جانب ذلك، قرّرت أيضاً العديد من الشركات زيادة التكلفة، مثل شركة "CMA CGM"  والتي تعتزم زيادة رسومها على الشحن بنسبة 100% اعتباراً من 15 يناير/كانون الثاني الحالي لعمليات الشحن المرتبطة بآسيا والبحر المتوسط، وسبق أن رفعت "ميرسك" رسومها الشهر الماضي، ما يضيف 700 دولار على تكلفة شحن الحاوية من الصين إلى أوروبا([36]).

     ورفعت شركة الشحن العالمية رسومها بما يتراوح بين ألف وألفَي دولار لكل حاوية، فيما قالت "هاباغ لويد" إنها تكبّدت تكاليف بعشرات الملايين من اليورو، نتيجة تحويل مسار 25 سفينة الشهر الماضي، كما رفعت بعض شركات التأمين الأسعار بنسب متفاوتة تصل إلى 300%، إذ أدرجت سوق التأمين في لندن جنوب البحر الأحمر ضمن المناطق عالية المخاطر، وبذلك يتضح أن تكاليف الشحن البحري تتجه إلى الارتفاع بشكل ملحوظ وكبير وسط استمرار التوترات في مضيق باب المندب، وقد تكلف الطرق البديلة وقوداً إضافياً يصل إلى مليون دولار للرحلة الواحدة ذهاباً وإياباً بين آسيا وشمال أوروبا([37]).

    وفي نهاية المطاف، لا يزال الحوثيون مستمرون بشكل متقطّع في إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار واستهداف السفن المرتبطة بإسرائيل، لممارسة الضغط على إسرائيل لوقف الحرب مع تعزيز موقفهم في الوقت نفسه.

الخاتمة

     أعقاب عملية طوفان الأقصى، قام الحوثيين بإغلاق مضيق باب المندب وتقييد حركة التجارة الدولية، مما أثر بشكل كبير على الساحة السياسية والاقتصادية، فمن الناحية الاقتصادية فإن تحويل مسارات الشحن البحري وتأثيرات ذلك على سلاسل التوريد العالمية تسببت في تأخير وتعقيـد لحركـة التجـارة، ممـا أدى إلـى زيادة فـي التكاليـف وتعقيــدات إضافيــة. هــذا التأثيــر الاقتصــادي يعكـس تحديـات جديـدة يواجههـا النظــام الاقتصــادي العالمي.

     من الناحية السياسية، فإن إغلاق باب المندب من قبل الحوثيين أدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة، مما أدى إلى إعلان الولايات المتحدة وحلفائها إطلاق تحالف بحري لحماية حركة المرور البحري في المنطقة، هذا يعكس القلق الدولي من أثر هذه الأحداث على استقرار الملاحة العالمية والتجارة البحرية.

      التحالف الدولي المُعلن عنه حديثاً ليس الأول من نوعه الذي يواجهه الحوثيون، إذ تم في عام 2019 الإعلان عن إنشاء تحالف دولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية، والذي يضم كل من البحرين وألبانيا والكويت وقطر والسعودية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا والإمارات العربية المتحدة.

النتائج: 

  1. إغلاق باب المندب وتقييد حركة التجارة أثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي، مع تعطيل سلاسل التوريد العالمية وارتفاع التكاليف.

  2. قطاع الشحن العالمي تأثر بشكل مباشر، حيث قامت الشركات بتغيير مسارات سفنها لتفادي المنطقة المتأثرة، مما زاد من تعقيدات حركة التجارة.

  3. إغلاق المندب أدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة وحلفاءها للإعلان عن تشكيل تحالف بحري لحماية حركة المرور البحري وضمان استقرارها.

  4. تسبب إغلاق باب المندب في قلق دولي بشأن تأثيره على استقرار الملاحة العالمية والتجارة البحرية، مما دفع إلى تشكيل تحالف دولي لحماية حركة المرور البحرية في المنطقة.

  5. تشكيل تحالف دولي يضم 27 دولة والذي يعد إحدى الخطوات الحيوية لمواجهة التحديات الناجمة عن إغلاق باب المندب وتقييد حركة التجارة في المنطقة.

التوصيات: 

  1. ينبغي على العالم أجمع وعلى رأسة الولايات المتحدة واوروبا وقف دعمهم اللامحدود لاسرائيل في عدوانها على غزة ، وكذلك الضغط عليهم لايقاف هذا العدوان واعادة اعمار غزة وفتح كل المنافذ والمعابر البرية والبحرية  والجوية كي يعيش اهلها بكرامة وتحقيق كل سبل الحياة لهم .

  2. يُفضل تعزيز التحالفات الدولية لحماية حركة المرور البحرية وضمان استقرارها في المنطقة المتأثرة، مما يشمل تعاونًا أوثق بين الدول وتشكيل تحالفات بحرية لضمان الأمان والاستقرار وبما يخدم دول المنطقة والعالم اجمع .

  3. يُفضل تكثيف الجهود لتعزيز الأمان البحري في الممرات المائية الحيوية، وتعزيز التنسيق بين البحريات الوطنية والتحالفات الدولية لمواجهة التهديدات البحرية.

  4. يجب العمل على تطوير بدائل الشحن البحري المكلفة والتي تسمح بتفادي المناطق المتأثرة، مما يساعد على تقليل التأثيرات الاقتصادية لإغلاق باب المندب.

  5. يمكن استخدام الحوار الدولي لحل النزاعات وتعزيز التفاهم بين الأطراف المعنية، مما يساعد في تحقيق استقرار المنطقة وتخفيف التوترات.

المراجع

([1]) رويترز. (2024). حقائق-ردود أفعال شركات شحن على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. منشور على الرابط: https://2u.pw/ZZxm5xc

([2])The New York Times. (2024). Widening Mideast Crisis E.U. Meeting Highlights Disconnect With Israel Over War Plans. Articles, https://2u.pw/YRD5C0d

([3]) منير، شيماء. (2023). وحدة الساحات: هل يشكل الحوثيون رقماً مهماً في معادلة طوفان الأقصـى؟، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، دراسات وأبحاث سياسية.

([4])Raydan, Noam. (2023). Houthi Ship Attacks Are Affecting Red Sea Trade Routes. The Washington Institute For Near East policy.

([5]) عبد الحميد، شيماء. (2023). تداعيات حرب غزة تمتد إلى الأمن البحري للشرق الأوسط. مركز شاف للدراسات المستقبلية، دراسات وأبحاث.

([6]) حسين، حمدي. (2023). تأثير الحرب على غزة في الاقتصاد الإسرائيلي. مركز الجزيرة للدراسات، دراسات وأبحاث.

([7]) السيد، محمد. (2024). حدود الاستفادة الإسرائيلية من الضربات الأمريكية ضد الحوثيين. مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.

([8]) الديب، أحمد. (2023). الرد على الحوثيين: جدل محتدم في إسرائيل. مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، أبحاث ودراسات. 

([9]) الغويدي، فوزي. (2023). تدخل الحوثيين في حرب غزة: ما بين التكتيك والتأثير. مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية.

([10]) عامر، عبد الملك. (2023). كيف غيرت الحرب على غزة من ديناميكيات السياسة العربية تجاه الإقليم؟. المركز الاستراتيجي للدراسات والأبحاث.

([11])الشرق الأوسط. (2023). الحوثيون يعلنون إطلاق صواريخ ومسيرات باتجاه إسرائيل. مجلة الشرق الأوسط، منشور على الرابط: https://2u.pw/dkxjOD4

([12])الصاوي، عبد الحافظ. (2023). ما التداعيات الاقتصادية لاستهداف الحوثيين السفن الإسرائيلية بالبحر الأحمر؟. مركز الجزيرة للأبحاث والدراسات، منشور على الرابط: https://2u.pw/7ROgAM9

([13])يوئيل جوزانسكي. الباحث الرئيسي في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) التابع لجامعة تل أبيب، لقاء مصور، 2023.

([14]) Patricia, Cohen. (2023). Risk of a Wider Middle East War Threatens a ‘Fragile’ World Economy. The New York Times. https://2u.pw/MaNH3nR

([15]) العويدي، فوزي. (2023). تدخّل الحوثيين في حرب غزة، ما بين التكتيك والتأثير. مجلة الشرق الأوسط للشؤون العالمية، المركز الاعلامي للحوثيين.

([16])  محمدي، نظام. (2024). الحوثيون والبحر الأحمر وقرار مجلس الأمن. صحيفة أيلاف، منشورة على الرابط: https://2u.pw/Xn4otY3

([17]) الديب، أحمد. (2023). الرد على الحوثيين: جدلٌ محتدمٌ في إسرائيل. مركز صنعاء لدراسات الاستراتيجية.

([18]) العهد نيوز. (2024). اليمن وصمودها ضد العدوان.. حركة أنصار الله تشكل رعباً كبيراً لأساطيل التحالف الأمريكي البريطاني. وكالة العهد نيوز.

([19]) ريدان، نعوم. ( 2023). هجمات الحوثيين تؤثر على طرق التجارة في البحر الأحمر. منظمة واشنطن الدولية.

([20]) شعلان، عاصم. (2024). مع تفاقم أزمة «باب المندب».. مخاوف أوروبية من تأثر إمدادات الطاقة. مجلة ذات مصر، قصص وتحقيقات.

([21]) وتد، محمد. (2023). إغلاق باب المندب بوجه سفن إسرائيل ضربة استراتيجية لاقتصادها. مركز الجزيرة للدراسات.

([22]) بن جامع، فوزي. (2023). الولايات المتحدة تعلن عن تشكيل تحالف دولي لمكافحة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. مركز الشرق الأوسط للدراسات.

([23])  سوليفان، آرثور. (2024). أزمة البحر الاحمر نذير شؤوم للاقتصاد العالمي مع بداية 2024. دراسات وأبحاث سياسية واقتصادية، مجلة made for mind ، منشور على الرابط: https://2u.pw/eT6Gucw 

([24])  أبو عليان، محمد. (2024). التداعيات الاقتصادية لتصاعد التوترات الجيوسياسية في البحر الاحمر. بحث اقتصادي، منشور على الرابط: https://2u.pw/e8jzzcM

([25]) أبو عليــان، محمـد. (2024). التداعيـات الاقتصاديـة لتصاعـد التوتــرات الجيوسياسية فـي البحـر الاحمر. بحـث اقتصادي، منشور على الرابط:  https://2u.pw/e8jzzcM 

([26]) منتدى الاستراتيجيات الأردني. (2023). أثر الاضطرابات في باب المندب على التجارة. وكالة الانباء الاردنية بترا، منشور على الرابط: https://2u.pw/i92fguQ

([27]) الديب، أحمد. (2023). الرد على الحوثيين: جدل محتدم في إسرائيل. مركز صنعاء للدراسات والأبحاث السياسية.

([28])  بنك هبوعليم الإسرائيلي. (2023). 6.9 مليار دولار التكلفة المبدئية للحرب على غزة. منشور على الرابط: https://2u.pw/9VMDO6V

([29]) الأناضول. (2023). بسبب الحرب.. إسرائيل قد تخفض الفائدة على الشيكل (تحليل). دراسات تحليلية، معهد الأناضول للأبحاث والأخبار التحليلية  السياسية.

([30]) عباس، جيهان. (2023). تداعيات حرب غزة على الاقتصاد الاسرائيلي وحدود تأثر الاقتصاد العالمي. مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، مركز بحثي متخصص بالشؤون الأفريقية.

([31]) Patricia, Cohen. (2023).  Risk of a Wider Middle East War Threatens a ‘Fragile’ World Economy, New York Times.

([32])عباس، جيهان. (2023). تداعيات حرب غزة على الاقتصاد الاسرائيلي وحدود تأثر الاقتصاد العالمي. مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، مركز بحثي متخصص بالشؤون الأفريقية.

([33]) Peter, Armstrong. (2023). Global economy braces for impact as Israel-Hamas war deepens” , CBC News, at: https://2u.pw/ShU0Jny

([34]) الاناضول. (2023). غولدمان ساكس يستبعد تأثير أزمة الحبر الأحمر في أسعار الطاقة. منشور على الرابط: https://2u.pw/tW2LAeh

([35]) Martin, Wolf. (2023). “The economic consequences of the Israel-Hamas war”, Financial Times Magazine, at: https://2u.pw/OEZtIc5

([36]) عباس، جيهان. (2023). تداعيات حرب غزة على الاقتصاد الاسرائيلي وحدود تأثر الاقتصاد العالمي. مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، مركز بحثي متخصص بالشؤون الأفريقية.

([37]) Jana, Treffler. (2023). ” Impacts of Israeli war in Gaza on euro economy: What do we know so far?”, AlAhram Online, at: https://2u.pw/gGMrF4f

bottom of page