top of page

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على انتشار الأخبار العلمية وتأثيرها على المجتمع

أصَبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزء مُهم في الحياة اليومية لجميع الأعمار، فقد سهّلت وسائل الاتصال بشكل ملموس، لكنها على الرغم من ذلك تعتبر أداة يمكن تطويعها للحصول على بعض الإيجابيات التي تجعل الحياة أفضل وتجنّب ...

Aug 16, 2023

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على انتشار الأخبار العلمية وتأثيرها على المجتمع

        العلاقات العربية الصينية علاقات تاريخية قديمة بدأت منذ أن كان طريق الحرير شريان للتجارة بين العرب والصين، وفي عام 2004 أسّس "منتدى الحوار الصيني العربي" بين الصين وجامعة الدول العربية، وفي عام 2013، طرحت بكين مبادرة الحزام والطريق كأضخم مشـروع استراتيجي في التاريخ، وكانت الدول العربية هدفاً له، حيث انضمت جميعها إلى هذه المبادرة باستثناء الأردن وفلسطين.

        وتطـورت هـذه العلاقات تبعاً للتطــورات العديدة على الساحة الدولية، المتمثلة بانسحاب امريكا من الشـرق الأوسط، مروراً بحرب أوكرانيا وانتهاءً بالعلاقات الصينية الأميركية المضطربة، فكانت المساعي تتجه لاحتواء الصين كونها العدو الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، نظراً لاستراتيجية الأمن القومي الأميركي، فكانت بكين ترى المنطقة العربية منطقة مهمة لها جيواستراتيجياً، لوقوع طرق التجارة فيها، ولاحتوائها على مصادر الطاقة، خصوصاً أن بكين تُعد المستهلك الأكبر للطاقة على مستوى العالم، وقد تفوقت على الولايات المتحدة عام 2013، باعتبارها أكبر مستورد للنفط الخام من الشـرق الأوسط، ومنذ عام 2017 أصبحت الصين أكبر مستورد للنفط الخام في جميع أنحاء العالم، ومن المُتوقع أن يُلبي الشـرق الأوسط 70% من احتياجات الصين للطاقة بحلول عام 2030 (مجادلة، 2016).

        فسعت بكين لتنويع مصادر الطاقة لديها، من خلال توقيعها على اتفاقية استراتيجية عام 2021 مع إيران بقيمة 400 مليار دولار لمدة 25 عاماً، كما وقّعت اتفاقيّة مع قطر لشـراء الغاز القطري منها لمدة 27 عاماً، وهي أطول اتفاقية في تاريخ الغاز في العالم.

        عوضاً عن أن المنطقة العربية تُمثل سوقاً استهلاكياً كبيراً، الأمر الذي دعا الصين للاستفادة منه والخوض في غماره، خصوصاً في ظل توفر المشاريع التنموية الكبيرة والمتعددة، مثل مشـروع المملكة 2030، والموانئ البحرية في عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى مشاريع إعادة إعمار الدول المنكوبة والتي تعرضت للحروب والدمار مثل سوريا (مجادلة، 2016).

وأخيراً كان مؤتمر الأعمال العربي الصيني هو المؤتمر الأول من نوعه، والأكبر على صعيد الدول، فقد نظمته المملكة العربية السعودية بالتعاون مع وزارة الاستثمار وبالشـراكة مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والمجلس الصيني لتطوير التجارة الدولية، والذي عُقد بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات في العاصمة الرياض، حيث تضمن المؤتمر 9 جلسات حوارية، و18 ورشة عمل والعديد من اللقاءات التي شارك فيها ما يقارب 150 متحدث بهدف مناقشة وتعميق التعاون الاقتصادي العربي الصيني، كما شهد مشاركة أكثر من 4500 مشارك ومشاركة من صناع القرار والمستثمرين والخبراء والمختصين والمبدعين وقادة الأعمال من القطاعين العام والخاص من 26 دولة لتخطيط طريق المستقبل الاقتصادي بين الدول العربية والصين، وسعى هذا المؤتمر لتحقيق العديد من الأهداف والغايات على مختلف الأصـعدة   (بن فرحان، 2023)، (شفق، 2023).

        فعلى الصعيد الاقتصادي هدفت بكين من المؤتمر الحصول على عقود في مجال الطاقة مع عدد من الدول العربية، على أن تكون هذه العقود طويلة الأمد ولا تتأثر بالتغيرات السياسية الجارية، وهدفت ايضاً المشاركة بمشاريع وخطط البنية التحتية، في مجالات البناء والجسور والطرق والموانئ البحرية، خصوصاً بعد النجاح الذي لمسته عند تنفيذ العديد من المشاريع في مونديال قطر 2022، إضافة إلى رغبتها في التوسع في المشاريع المختلفة منها مشـروع الحزام والطريق، وتقديم القروض للدول العربية التي تعاني من أوضاع مالية حرجة، والهدف من هذه القروض تقديم الدعم وتعزيز الاقتصاد وإنعاش الدول على ان تعود هذه القروض لبكين عند تحسن الأوضاع في الدول التي تم التعاون معها، كما وتسعى الصين إلى تحسين سمعة منتجاتها وترويجها في السوق العربي، من خلال ترويج فكرة "التنمية عالية الجودة" التي اقترحها الرئيس الصيني في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، والتي قصد منها زيادة التركيز على جودة السلع لا على الكمية، وتعزيز صناعة السيارات الكهربائية الصينية، التي انتشرت عالمياً وزاد الطلب عليها خصوصاً في المنطقة العربية، التي تُعد سوقاً مهمة لها (عبد الله، 2023).

        بينما على الصعيد السياسي، تقدم بكين حلولاً ومقترحات لبعض القضايا والمشاكل في حال تم طلب يد العون منها، ومن الأمثلة على ذلك :التوسّط بين إيران والمملكة العربية السعودية في حرب اليمن، حيث سعت الصين لإيجاد محادثات بين البلدين في عامي 2015-2016، لتدعيم الاستقرار في منطقة الخليج العربي التي تتعزز المصالح الصينية فيها بشكل واضح، والسعي لإيقاف الصـراع في سوريا، ومحاولة البدء بحل سياسي يمثل طريقاً ممهداً لإعادة إعمار وترميم سوريا، كما استضافت بكين الندوة الدولية التي أُقيمت حول القضايا السورية آنذاك.

        وعلى الصعيد العلمي والثقافي، سعت بكين إلى: تعليم اللغة الصينية في العديد من الدول العربية، من خلال افتتاح ما يُقارب 20 معهداً كونفوشيوسياً، عوضاً عن افتتاح ما يُقارب 230 مدرسة وجامعة لتعليم اللغة الصينية في العالم العربي، ودعم الطلبة العرب في جميع الدول من خلال تقديم منح دراسية لهم، إضافة إلى سعي الصين لتقديم نموذج عولمة كبديل عن العولمة الغربية القائمة على مبدأ نزاع الحضارات (الشاهر، 2022).

        وعلى الصعيد السياسي سعت الصين إلى: تدعيم مبدأ احترام الدول وسياداتها وتجنب التدخل في أمورها وشؤونها الداخلية، وهي نفسها السياسة التي تتبعها وتطبقها بكين مع جميع الدول في تعاملاتها، وسعت للحصول على التعزيز العربي لها في قضية تايوان، كما عملت على توفير وبيع الأسلحة لجميع الدول التي تحتاج إليها، وكان من مساعيها أيضاً الاهتمام بالجانب التقني، ونشـر الجيل الخامس في جميع دول العالم، على الرغم من محاولات الولايات المتحدة الأمريكية منعها من ذلك (عمون، 2022).

        كان ذلك بخصوص بكين وأهدافها المختلفة من التشارك والتعاون مع دول الخليج والدول العربية على العموم، بينما كانت أهداف المملكة العربية السعودية من التعاون مع الصين لأسباب عديدة تتمثل فيما يلي (العربية، 2023)، (وكالة الأنباء الأردنية، 2023):

        حاجة السعودية لتنويع شراكاتها في ظل توتر العلاقات بينها وبين امريكا منذ استلام الرئيس بايدن للرئاسة فيها، والذي رفض التعاون والتفاعل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فكانت حاجة المملكة العربية السعودية لإثبات قدراتها وتعزيز شراكاتها وتنويعها وانتشار صيتها بشكل أكبر إيماناً منها أن مستقبل العالم في آسيا والصين هي قلب القارة الآسيوية.

        كما وتسعى المملكة العربية السعودية لأن تكون مفتاح للمنطقة العربية الذي يحرك عجلة التطور والتحرك في جميع المجالات خصوصاً في ظل الأزمة السورية والعراقية، فكانت المملكة بمثابة المركز الداعم والذي سينتشل الدول العربية من القاع إلى فضاء التقدم والتطور، إضافة إلى حاجة المملكة لاستكمال مشاريع التعاون الخليجية الصينية؛ وإكمال خطة المملكة لـ 2030، عوضاً عن رغبة المملكة العربية في تطوير الشراكات الاستراتيجية، وتعزيز التعاون في مجالات الطيران والتمويل والطاقة النووية .

        على الرغم من تلك الأهداف والتطلعات والطموحات التي تسعى إليها كل من الصين والمملكة العربية السعودية إلا أن الأمور تعتريها بعض الصعوبات وتغلبها التحديات لأسباب تتمثل في: رغبة السعودية في الحصول على الأسلحة الصينية المتطورة، وهو ما لا تمانع فيه بكين، لكنها تمانع طلب السعودية بعدم إعطاء تلك الأسلحة للدول الأخرى، وخصوصاً إيران، إضافة إلى تطلعات المملكة العربية السعودية بتبني موضوع صناعة الأسلحة، بما فيها الصواريخ، الأمر الذي ترفضه بكين باعتقادها ببيع الأسلحة دون نقل الخبرات والتجارب إلى من كان، كما توجد هناك اختلافات عديد تجاه بعض القضايا مثل: القضية السورية، والعلاقات السعودية الهندية، والموقف السعودي من تعزيز الايغور، وغيرها من المواقف (الشاهر، 2023).

        ويبقى التحدي الأكبر للقمة العربية الصينية هو: التوافق بين الصين والدول العربية على إمكانية بيع النفط العربي بالعملة الصينية بدلاً من الدولار الأمريكي، وهو ما يعني انتهاء سياسية الدولار، واستبدال الولايات المتحدة الأمريكية بالصين لتكون عوضاً وبديلاً مستقبلياً عنها في الحصول على مكان وموطئ قدم في المنطقة، خاصة في ظل حاجة دول الخليج العربي إلى الحلفاء لحماية نفسها وتقويه موقفها وتعزيز مكانتها، كما ان مشاركة الصين تساعد في استغلال الممرات المائية والطرق التجارية الدولية (الشاهر، 2022).

وختاماً..

        تمثل الصين قلب القارة الآسيوية التي تستدعي من الدول العربية ودول الخليج العربي على وجه الخصوص تعزيز العلاقات والشـراكات معها، للوصول إلى تحقيق جملة من الأهداف التي في نهاية المطاف تحقق التطور والتقدم على مختلف المجالات والأصعدة. فكان انعقاد هذا المؤتمر وما ترتب عليه من أهم ما حصل في الشـرق الأوسط ومن أهم ما حدث بين الدول فهو يُعد نقلة نوعية وقفزة تتقدم بها الدول المشاركة إلى الإمام خطوات كثيرة ذات فوائد متزايدة على المدى البعيد.

النتائج:

  • أدى انعقاد المؤتمر الصيني السعودي إلى تعزيز الشـراكات الاقتصادية، وإيجاد فرص جديدة للتعاون، ودعم ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة.

  • تعزيز عملية تبادل البحوث والابتكارات العلمية، وتنظيم برامج التأهيل والتدريب لتعزيز رأس المال البشري، وتفعيل التعاون لتحقيق الاستقرار.

  • كان للمؤتمر اثر واضح في موجهة وتصدي التحديات الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز التكامل الاقتصادي، وتفعيل مصادر الطاقة المتجددة.

  • تقوية موقف الدول العربية والخليج العربي على وجه الخصوص، وإيجاد متعاونين من خلال التحالف والتشارك، لمواجهة التحديات والصعوبات، عوضاً عن توفير ملاذا أمناً عند الحاجة.

المراجع

  • دبي- العربية- نت (2023). مؤتمر الأعمال العربي الصيني يختتم أعماله بإطلاق "إعلان الرياض"، اتفاق على استكشاف فرص جديدة للتعاون ودعم ريادة الأعمال، على الرابط: https://2u.pw/3Em22LP

  • وكالة الأنباء الأردنية (2023)، اختتام مؤتمر الأعمال العربي الصيني العاشر في الرياض، على الرابط: https://petra.gov.jo/Include/InnerPage.jsp?ID=248425&lang=ar&name=news

  •  عبد الله، محمد فريد (2023). مؤتمر الأعمال العربي الصيني يوقع اتفاقيات ب 10 مليارات دولار، الرياض، الأناضول على الرابط: https://2u.pw/fhuWQ0d

  • مجادلة، محمود (2016). مؤتمر العرب والصين: البحث عن فهم مشترك ومساءلة الاستراتيجية، عرب 48، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، على الرابط: https://2u.pw/EPWpqdJ

  • شفق نيوز (2023). بعيداً عن بغداد... السعودية تختتم أكبر مؤتمر عربي - صيني، على الرابط: https://2u.pw/eebjCMa.

  • عمون (2022). قمة الرياض العربية الصينية تختتم أعمالها، على الرابط: https://www.ammonnews.net/article/726430.

  • بن فرحان، فيصل (2023). انطلاق أعمال مؤتمر الأعمال العربي الصيني في الرياض، ووزير الخارجية: يعزز من التواصل الحضاري، صحيفة سبق الالكترونية على الرابط: https://sabq.org/saudia/fx1t23joi1

  • الشاهر، شاهر (2022). القمة العربية الصينية "شراكات اقتصادية وتحالفات مؤجلة"، على الرابط https://2u.pw/XjDeurA.

 

 

whatsApp.Icon-01.png
bottom of page