الفجوة بين التخصصات الدراسية ومتطلبات سوق العمل في الأردن
يُعتبر التعليم أحد أهم الركائز التي تهتم بها الدول، وذلك إيماناً منها بأهمية التعليم باعتباره الطريق الصحيح نحو تحقيق التنمية والرفاهية للمجتمعات البشرية، حيث يركّز الاستثمار في التعليم على إخراج الأجيال المستقبلية ممتلكةً لأهم أنواع ...
Jun 13, 2023
وعد مومني

مقدمة:
يُعتبر التعليم أحد أهم الركائز التـي تهتم بها الدول، وذلك إيماناً منهـا بأهميـة التعليم باعتباره الطريق الصحيح نحو تحقيق التنمية والرفاهية للمجتمعات البشرية، حيث يركّز الاستثمار في التعليم على إخراج الأجيال المستقبلية ممتلكةً لأهم أنواع المعرفة ومصادر المعلومات والمهارات الأساسية التي يحتاجون إليهـا في تخصصاتهم المختلفة للوصول إلى أفضل الممارسات التي تمكّنهم من النجاح وإحراز التقدّم في حياتهم العملية في سوق العمل.
ويشهـد العالـم تقدّماً تكنولوجياً وانفجـاراً معرفياً متسارعاً أوجـد حالـة منافسـة شديدة بين الدول المتقدمة والنامية على حدٍ سواء، ولأن العنصر البشري هو العمود الفقري في كل المجتمعات فقد نشأ صراع أدمغة بين هذه الدول جعلها تتسابق في تنمية مواطنيها وإعدادهم بصورة شاملة ليصبحوا أدوات فعّالة في استشراف الحدث بدل انتظار حدوثه، كما أن التنمية المستدامة والإعداد للحياة يلزم الأنظمة التربوية تجديد ذواتها لمجابهة تغيرات القرن الحادي والعشرين ومستجداته، وذلك تلبية لحاجة الأفراد لامتلاك مهارات حياتية ومعلوماتية وتكنولوجية توائم بين العلم والعمل في شتى المجالات، وتمكنهم من مواكبة التغيرات المتسارعة (منتدى الاستراتيجيات الأردني، 2021) .
وتتمثّل الفجوة بين التعليم الجامعي وسوق العمل في الأردن في اختلاف أو عدم توافق بين المهارات والمعرفة التي يكتسبها الطلاب في الجامعات والمتطلبات الفعلية لسوق العمل، وهناك عدة عوامل تسهم في حدوث هذه الفجوة، ومن أبرزها (سماره، 2022): عدم مواكبة المناهج الدراسية لمتطلبات سوق العمل: يتجسد الاختلاف الواضح بين المناهج الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل من خلال التركيز على النظريات والمفاهيم الأدبية دون ابداء الاهتمام الكافي للمهارات العملية التي يحتاجها أرباب العمل. نقص التوجيه المهني للوظائف التي يحتاجها سوق العمل: انطلاقاً من مواجهة الطلاب صعوبة في تحديد التخصصات المناسبة لمتطلبات سوق العمل والفرص الوظيفية المتاحة، حيث تتمثل هذه الصعوبات في تنامـي التوجيهـات المهنيـة ونقـص المعلومات التي تتعلق بالوظائف والمهن المطلوبة.
تغيّرات سريعة في سوق العمل: أي حدوث تحوّلات وتغيرات سريعة في سوق العمل إثر التطور التقني والتكنولوجي والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، والتي تؤدي إلى صعوبة مواكبة المؤسسات التعليمية لهذه التحوّلات وان تقوم بتحديث المناهج والمخططات الدراسية على نحو يتماشى والتغيرات السريعة. نقص المهارات العملية: حيث يواجه الخريجون صعوبة في تطبيق المهارات العملية التي يتوقعها أصحاب العمل، إذ يحتاج الطلاب إلى فرص للتدريب والتعلّم العملي لتنمية المهارات اللازمة لسوق العمل؛ مما يمكنهم من اكتساب خبرة وصقل للشخصية حتى يكونوا مستعدين لتحديات سوق العمل وتغيراته. كما إنّ جمود الخطط الدراسية للتخصصات الجامعية يوسّع الفجوة مع متطلبات سوق العمل الديناميكي، وتشابه المناهج والخطط التعليمية بين مختلف الجامعات الأردنية أفرز خريجين متشابهين يمتلكون مهارات غير متمايزة كتمايز متطلبات سوق العمل، وهناك عدة ملامح تشير إلى وجود فجوة بين التخصصات الجامعية وسوق العمل في الأردن، كوجود نقص في توفر خريجي التخصصات المحددة التي يحتاجها سوق العمل، وقد تكون بعض التخصصات غير ملائمة للاحتياجات الفعلية لسوق العمل، في حين يحتاج سوق العمل إلى مهارات وخبرات في تخصصات أخرى، كذلك التباين في مستوى المهارات، حيث يواجه الخريجون صعوبة في تطبيق المهارات العملية التي يحتاجها أصحاب العمل (Antelm. Et.All. 2020).
وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم مواكبة التعليم مع التقنيات الحديثة تمثل أهم ملامح هذه الفجوة، حيث تتطور التقنيات بشكل سريع في مختلف الصناعات، وقد لا يتمكن التعليم الجامعي من مواكبة هذه التغيرات بنفس الوتيرة، ولهذا يمكن أن يكون هناك نقص في الفرص التي يحصل عليها الطلاب للتدريب والتعلّم العملي خلال فترة دراستهم الجامعية، إذ يعد التدريب والتطبيق العملي محوراً هامًا في تنمية المهارات والاستعداد للاندماج في سوق العمل، ويواجه سوق العمل في الأردن ضغوطًاً ناجمة عن الواقع الجيوسياسي والتحديات الاقتصادية والأمنية، يتضمن هذا الواقع تدفق الهجرة من دول الجوار بحثًا عن الأمان، وتأثير انهيار الأوضاع الأمنية في الدول المجاورة على حركة التجارة الخارجية واتجاهات الإنفاق الحكومي للأغراض الدفاعية، ومع ذلك، يجب أن لا نعطي الواقع الجيوسياسي دورًا مفرطًا في تفسير أزمة البطالة، حيث يعوق ذلك تشخيص الأزمة بدقة وتطوير حلول فعالة للتخفيف من حدتها، كما ينبغي علينا أن ندرك أن تنافسية الخريج الأردني على المستوى الإقليمي وضعف جاذبية البيئة الاستثمارية في الأردن تعدّان من العوامل الرئيسية التي تؤثر سلبًا على فرص الباحثين عن عمل في الخارج، وتقلص قدرة الدولة على جذب الاستثمارات التي توفر فرص عمل للسكان (المهدي، 2021).
وفي ظـل التغيـرات السريعة فـي سـوق العمل وتطّور التكنولوجيا، أصبح من الضروري أن تركز سياسات التعليم والتدريب في الأردن على تعزيز معارف الخريجين والمقبلين على العمل، وتطوير المهارات اللازمة لديهم للتمكّن من ممارسة وظائف لائقة، كما يجب تحسين مهارات الشباب وتعزيزها من خلال توفير فرص لاكتساب مهارات جديدة، وتنمية المهارات المعرفية وغير المعرفية التي تعد أيضًا مهمة في سوق العمل، بمعنى أن فجوة المهارات تنتج عن عدم التوافق بين المهارات الحالية والمهارات المرغوبة مستقبلاً للثبات في سوق العمل وامتلاك مهنة والتميز بها، وفي ضوء هذه التغيرات، هناك بعض المهارات المستقبلية المتوقع طلبها بشكل متزايد، تتضمن (ديوان الخدمة المدنية، 2021) : المهارات التقنية: تشمل مهارات البرمجة، وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، وتطوير التطبيقات، وأمن المعلومات.
المهارات الاجتماعية والتواصل: تشمل مهارات الاتصال الفعال، والقيادة، والعمل الجماعي، وحل المشكلات. المهارات الابتكارية والإبداعية: يتوقع أن تزداد أهمية المهارات التي تساعد على التفكير الابتكاري وتوليد أفكار جديدة. تشمل هذه المهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات المعقدة، والتصميم والابتكار.
المهارات المتعلقة بالتعلّم الذاتي: تشمل هذه المهارات التعلم المستمر، وقدرة التكيف، والقدرة على اكتساب المعرفة الجديدة بسرعة. المهارات العالميّة: تشمل المهارات اللغوية والثقافية والقدرة على التعاون عبر الثقافات المختلفة. ومن المهم ملاحظة أنّ هذه المهارات قد تختلف حسب القطاع الاقتصادي والصناعة المعينة، فقد يكون هناك مهارات خاصة تتطلبها بعض القطاعات مثل الطِب، والهندسة، وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، والتسويق، والتصميم، والطاقة المتجددة. علاوةً على ذلك، فإن التحوّل الرقمي والتكنولوجي يشكل تحدياً كبيراً، فمع تقدم التكنولوجيا واعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي والتحليل الضخم للبيانات والتشغيل الآلي، يصبح تعلم المهارات التقنية ذات أهمية حاسمة، حيث تعد مهارة العصر الرقمي أحد أهم المهارات المطلوبة في سوق العمل في الأردن وفي جميع أنحاء العالم، ففي ظل التقدم التكنولوجي السريع، يشهد سوق العمل تحولًا كبيرًا نحو الاعتماد على التقنيات الرقمية والمعلوماتية في جميع الصناعات والقطاعات، وفيما يلي بعض المتطلبات الرئيسية لسوق العمل في الأردن فيما يتعلق بمهارة العصر الرقمي (رضوان، 2021): فهم التكنولوجيا: في ضوء التطور التكنولوجي السريع، من الضروري أن يكونوا الطلبة الخريجين والملتحقين بوظائف في سوق العمل، على مستوى من الفهم الكافي للتكنولوجيا المستخدمة في مختلف المجالات وكيفية استخدامها بشكل فعال، يتمثل ذلك في فهم اساسيات تقنيات المعلومات والاتصالات والتعامل مع الأجهزة الذكية والتطبيقات المختلفة. التحليل والتفسير البياني: أي القدرة على فهم وتحليل البيانات الرقمية واستخلاص الأفكار والرؤى منها، يشمل ذلك قدرة تحليل البيانات، واستخدام أدوات التحليل البياني والذكاء الاصطناعي لتطبيقات الأعمال.
الأمان الرقمـي: أن يمتـلك الخريجيـن فهـم وإدراك للأمـان الرقمـي وحمايـة المعلومات الحساسة، يتضمن ذلك التعرف على أفضل الممارسات للأمان الإلكتروني وحماية البيانات الشخصية والمؤسساتية. التواصل والتعاون الرقمي: أن يكون الأفراد المقبلين على العمل، والملتحقين قدرة على التواصل والتعاون باستخدام وسائل الاتصـال الرقميـة، مثـل البريـد الإلكتروني والدردشـة الفوريـة ومنصـات التعاون عبر الإنترنت.
التعلم المستمر: أن يكون للخريجين والملتحقين بالمهن الوظيفية القدرة على التعلم المستمر وتحديث مهاراتهم الرقمية بشكل منتظم. الابتكار والقدرة على المضي قدمًا: أن يكون للخريجين والعاملين القدرة على التفكير الإبداعي والابتكار في استخدام التكنولوجيا الرقمية لحل المشكلات وتحسين العمليات.
القدرة على التحول الرقمي: أي القدرة على التكيّف والتأقلم مع تحولات العمل المتسارعة نحو العمل الرقمي. وبشكلِ عام، يتطلب سوق العمل في الأردن المزيد من التركيز على تطوير مهارات العصر الرقمي لدى الشباب وتوفير الفرص التعليمية والتدريبية المناسبة، ولهذا يفترض أن تكون السياسات التعليمية والتدريبية متجاوبة مع احتياجات سوق العمل وأن تكون قادرة على التنافس في سوق العمل الحديث.
وتُعد نسب التوظيف في سوق العمل للخريجين مؤشرًا هامًا لجودة نظام التعليم العالي، حيث يعتبر التوازن بين تخصصات الدراسة واحتياجات سوق العمل تحديًا يواجه القطاع التعليمي في الأردن وفي جميع أنحاء العالم، والجدير بالذكر أنه توجد فجوة بين التخصصات الدراسية ومتطلبات سوق العمل في الأردن، قد يعود ذلك جزئيًا إلى عدم توازن العرض والطلب في بعض المجالات الدراسية، هناك تخصصات يتوافق الطلب عليها مع العرض في الأردن، بينما يعاني سوق العمل من نقص في حملة تخصصات أخرى (إيراسموس بلس، 2020).
ومن المتوقّع أن تختفي بعض المِهن والوظائف وتحل محلّها وظائف وأدوار أكثر ملاءمة لمتغيرات المجتمع المعاصر، ومن هُنا تظهر الفجوة بين توقّعات أصحاب العمل بشأن المهارات التي يمتلكها الخريجون، والمهارات اللازمة من أجل الاستمرار والنمو في سوق العمل في العصر الرقمي، كما تعد تلك من أبرز القضايا التي تشغل أذهان جميع العاملين في قطاع التعليم العام، وبالتالي ستصبح المها رات المطلوبة من القوى البشرية للتوظيف أكثر تعقيداً مما هي عليه في الوقت الحالي، فالمهارات البسيطة الي يعتمد عليها في المهن والوظائف الحالية لن تكون كافية لامتلاك وظيفة من وظائف المستقبل، ومن الوظائف التي ستختفي في المستقبل القريب والوظائف الجديدة المستحدثة ما يلي (لرضي، 2021):
جدول (1) التحول في الوظائف من النمط التقليدي إلى النمط المستحدث
ويجدر الإشارة إلى أن التقدم التكنولوجي الهائل فرض تغيّرات للتكيف مع متطلبات الوظائف المستقبلية، ومن أهمها التركيز على تطوير الجامعات لتعزيز مهارات المستقبل، ولهذا فقد تغيّر مشهد الابتكار التعليمي فأصبح يتم التحكّم بواسطة الذكاء الاصطناعي والأطر المادية الرقمية، وقد قدّمت نموذجاً آخر للتعليم للمستقبل لإعداد الخريجين للحياة المستقبلية، حيث ستحل المزيد من الروبوتات الذكية محل الأشخاص في أقسام معينة، لذا من الضروري أن يستفيد التعليم من تلك المعلومات ويحدد القدرات البشرية التي لا يمكن استبدالها بالروبوتات. وفي الحديث عن التطور التكنولوجي وعصر الذكاء الاصطناعي فإنها تشير إلى التحول الشامل والسريع في العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية نتيجة لتقدم التكنولوجيا الرقميـة، ويتميـز هـذا التطـور بتكامـل التكنولوجيـا والذكـاء الاصطناعي والاتصالات والبيانات الضخمة والإنترنت من الأشياء وتقنيات أخرى تؤثر بشكل جـذري على الطريقة التي نعيش بها ونعمل، كما لها تأثير يمتد إلى سوق العمل فـي الأردن وجميع أنحاء العالم، فمع تقدم التكنولوجيا والتحول الرقمي، تتطلـب الوظائـف الحديثـة مجموعة متنوعـة مـن المهـارات والقـدرات الجـديـدة (هلال، 2020).
خلاصة القول هي أنه يمكن تخفيف الفجوة بين التعليم الجامعي وسوق العمل في الأردن من خلال اتخاذ عدة إجراءات، بما في ذلك (شحاتة، 2020): توجيه وتوعية الطلاب: تعزيز التوجيه المهني وتوعية الطلاب بأهمية تحليل احتياجات سوق العمل واختيار التخصصات والمسارات الوظيفية المناسبة، ينبغي تزويدهم بمعلومات شاملة حول احتياجات السوق والتوجهات المهنية الناجحة. تشجيع ريادة الأعمال: تنمية روح ريادة الأعمال ودعم الشباب الطموح في إنشاء مشاريعهم الخاصة، كما ينبغي توفير الدعم المالي والتقني والتدريبي للشباب الراغبين في بدء أعمالهم الخاصة. توفير فرص التدريب والتطوير: ينبغي تعزيز فرص التدريب والتطوير المهني للخريجين والعاملين في سوق العمل، بما يتيح لهم اكتساب المهارات اللازمة وتحديثها ومواكبة التغيرات التكنولوجية، ويمكن تنفيذ برامج تدريبية موجهة لتلبية احتياجات السوق وتطوير مهارات العمال.
تعزيز التعاون بين الجامعات والمؤسسات الصناعية: تقوية روابط التعاون والشراكة بين الجامعات والمؤسسات الصناعية لتحديد احتياجات سوق العمل وتطوير المناهج الدراسية وبرامج التدريب بما يتناسب مع المتطلبات الحالية والمستقبلية. مواكبة التطورات التقنية والتكنولوجية وعصر الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي. علاوة على ذلك، على الجامعات والمؤسسات التعليمية التعاون مع سوق العمل لتحديد احتياجات سوق العمل وتوفير التخصصات المناسبة والمهارات المطلوبة، كذلك تحديث المناهج الدراسية لتتناسب مع احتياجات سوق العمل الحالية بما يتضمن ذلك تضمين مكونات عملية وتطبيقية في المناهج الدراسية وتعزيز التدريب على المهارات العملية ذات الصلة، بالإضافة إلى تعزيز التوجيه المهني للطلاب وتوفير معلومات واضحة حول احتياجات سوق العمل والتخصصات المطلوبة، فضلاً عن تعزيز التعلم العملي أي توفير فرص التدريب والتعلم العملي للطلاب خلال فترة دراستهم الجامعية، وتعزيز التعاون بيـن الجامعـات والمؤسسـات الصناعيـة لتحديـد احتياجات سـوق العمـل وتوجيـه البرامـج الأكاديميـة والتدريبية بنـاءً علـى هـذه الاحتياجـات (يوسف، 2022).
الخاتمة
نظراً لما يشهده التعليم في الأردن في العصر الحديث من تحوّلات في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية وغيرها، ظهر ما يسمى بقلق المستقبل المهني ويقصد به التفكير المستمر والاهتمام بالأحداث المستقبلية بسبب التغيير، مما يسبب للفرد حالة من التوتر والخوف من المستقبل المرتبط بمجال هام في الحياة وهو العمل، ويرجع ذلك إلى طبيعة التطور المعقد للأنظمة الاقتصادية، ومن المتوقع مستقبلاً أن تقل الوظائف المتاحة للعمل، ففي ظل تقنيات الثورة التكنولوجية وما نتج عنها من آلات قد يزيد عدد المرات التي يضطر فيها الفرد إلى تغيير وظيفته بشكل كلي أو جزئي، وبالتالي يستدعي على التعليم الجامعي إعداد قوى عاملة تتمتع بمهارات عالية، كما تدرك بشكل كبير التطورات في مجال التكنولوجيا والمعلومات، وتوجيه الطلاب إلى التخصصات التي يحتاجها سوق العمل في ضوء احتياجات السوق المحلية والعالمية. وقد تعدّدت الأسباب والعوامل التي من شأنها أن تحدث فجوة بين التخصصات الجامعية وحاجات سوق العمل، ومن أبرز هذه العوامل، ضعف العملية التعليمية في تحقيق أهدافها وتخريج أجيال قادرة على مواكبة التطورات العصرية السريعة ومواءمة متطلبات سوف العمل المحلي والإقليمي والعالمي. كما يتطلب تحقيق التوازن بين التعليم الجامعـي وسـوق العمـل تنسيـق وجهود مشتركة بين الجامعات والمؤسسات التعليمية وأصحاب العمل، يمكن تعزيز التواصل والتفاهم بينهم للحد من الفجوة بين التخصصات الجامعية وسوق العمل، بالإضافة إلى ذلك، من المهم توفير فرص التعلم مدى الحياة والتدريب المستمر للعاملين في السوق لتطوير وتحسين مهاراتهم ومعرفتهم في ضوء التغيرات السريعة في سوق العمل.
النتائج:
وجود فجوة كبيرة بين مخرجات النظام التعليمي، وبين المهارات المطلوبة لسوق العمل.
أنّ التعليم والتدريب كلاهما لا يلبّي الاحتياجات كما أنّ المهارات التكنولوجية غائبة عن كل الخطط التدريسية.
نقص في التنسيق بين الجانب الأكاديمي وسوق العمل ومتابعة الطلبة بعد التخرج.
أنّ الجهود التي تقدمها وزارة التربية والتعليم لتحسين التعليم وجودته وإصلاحه غير كاملة وغير كافية، مما يسبّب إنتاج مخرجات ضعيفة لا تتناسب وحاجات سوق العمل.
التوصيات:
أن يقوم أصحاب المهن والوظائف في كلا القطاعين بتقديم فرص عمل تتضمن تدريب للخريجين والملتحقين بالوظائف لاكتساب الخبرة والمهارة في مختلف المجالات.
تعزيز التعاون مع الجامعات من خلال برامج الإقراض والتدريب والتوظيف المشتركة، وتشجيع الشراكات لتطوير برامج تدريب وتوظيف تواكب احتياجات سوق العمل المستقبلية.
أن يكون لدى الطلاب الرغبة في اكتساب المعرفة والمهارات التي يحتاجونها والاستفادة من الفرص التعليمية والتدريبية التي تتوفَر لهم.
يتطلّب تخطّي هذه الفجوة بين التخصصات الجامعية وسوق العمل تعاون وتفاعل مستمر بين الجامعات وأصحاب العمل لتحديث المناهج وتعزيز التوجيه المهني وتوفير فرص التعلم العملي، بالإضافة إلى تعزيز التعاون والتواصل المستمر بين الجانبين.
قائمة المصادر والمراجع
أحمد، ناجي. (2020). تصور مقترح لتفعيل دور الجامعات في تلبية احتياجات سوق العمل على ضوء بعض الاتجاهات المعاصرة. المجلة الدولية للعلوم التربوية والنفسية، ع40، 93- 136.
إيراسموس بلس الوطني. (2020). المواءمة بين الجامعات والقطاع الخاص لتخصصات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن.
مركز إيراسموس بلس الوطني. ديوان الخدمة المدنية، وحدة التطوير المؤسسي، قسم الدراسات والاحصاء. (2021). مؤشرات واقع عملية العرض والطلب على التخصصات العلمية في الخدمة المدنية " لحملة المؤهل الجامعي والدبلوم الشامل لكل يات المجتمع لعام 2021.
رضوان، سمير. (2021). سوق العمل. مجلة آفاق اقتصادية معاصرة، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، ع5.
ستراتيجيكس. (2022). واقع الاستراتيجيات التعليمية في الأردن.. التخصصات الراكدة نموذجاً. ورقة سياسات وطنية.
سماره، أزهار. (2022). درجة تمثل طلبة كليات العلوم التربوية في الجامعات الأردنية لخصائص الخريجين من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس. رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، الأردن.
شحاتة، حمدي. (2020). أدوار الجامعات في مجتمع المعرفة. دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع.
لرض ي، جيهان. (2021). المهارات اللازمة لتحقيق التوافق بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وفق رؤية المملكة 2030 لخريجي كلية الخدمة. مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية، مج29، ع5، 30- 60.
منتدى الاستراتيجيات الأردني. (2021). التعليم العالي في الأردن: في زمن كورونا وما بعده. ورقة سياسات بحثية.
المهدي، مجدي. (2021). التعليم وتحديات المستقبل في ضوء فلسفة الذكاء الاصطناعي. دراسات تربوية واجتماعية، مجلة دورية محكمة تصدر عن كلية التربية، مج27، كلية التربية، جامعة المنصورة.
هلال، إسراء. (2020). تجسير الفجوة بين مخرجات التعليم الجامعي المصـري وسـوق العمـل فـي ضـوء متطلبـات الثــورة الصناعـيـة الرابعـة. مجلـة كليـة التربيـة ببنـها، ج1، ع124.
يوسف، عبد التواب. (2022). تنمية مهارات سوق العمل لطلاب التعليم الجامعي على ضوء مبادئ التعليم الريادي. دراسات تربوية واجتماعية، مجلة دورية محكمة تصدر عن كلية التربية، مج28.
Antelm- Lanzat, A. M et al. (2020). Learning Styles and Vocational Guidance in Secondary Education. Educational Sciences, Theory & Practice, vol 20, Issue3, p11.