top of page

النظرية التفاعلية الرمزية

Oct 11, 2023

دعاء نجيب

النظرية التفاعلية الرمزية

مقدمة: 

    تعد النظرية التفاعلية الرمزية واحدة من أهم المحاور الأساسية للنظرية الاجتماعية، وواحده من أهم تصورات النظرية المعاصرة في السوسيولوجيا، وتُعد من أهم المحاور التي تناولت تحليل الانساق الاجتماعية، حيث توفر أساساً نظرياً رئيسياً لكثير من الأبحاث التي أجراها المتخصصون في العلوم الاجتماعية، كونها تهدف إلى تفسير الظواهر والعلاقات والتغيرات الحاصلة في المجتمع، فهي تركز على تفاصيل ورموز الحياة اليومية وما تعنيه هذه التفاصيل والرموز، ويعتبر المبدأ المركزي للنظرية التفاعلية أن المعنى الذي نستمده وننسبه إلى العالم من حولنا هو بناء اجتماعي ينتج عن طريق التفاعل الإنساني اليومي. 

    فبينما يدل الرمز في العالم الحقيقي على الشـيء الذي يمثل موقف أو فكرة أو عاطفة أو تجربة، فهو في النظام التفاعلي يدل على أمور ذات معاني وايحاءات مختلفة، وبالتالي فعملية التفاعل تسمح بتشكيل الرموز وتفسير المعاني وتعديلها من خلال عملية التفاعل الاجتماعي اليومي، كما تركز النظرية على كيفية استخدامنا وتعاملنا مع الأشياء وتفسيرها كرموز للتواصل مع بعضنا البعض، وكيف نخلق ونحافظ على الذات التي نقدمها للعالم، وكيف نخلق ونحافظ على الواقع الاجتماعي معتقدين انه حقيقي. 

    وقد حلل التفاعليون الرمزيون المجتمع من خلال المعاني التي يعطيها الناس للأشياء والأحداث والأفعال، على اعتبار أن الناس يتصـرفون وفقاً للمعاني التي يعطونها للعالم بدلاً من الحقيقة الموضوعية، وهذه المعاني ليست سوى تأويلات قدمها الناس، وبالتالي فإن النظرية تشير إلى أن المجتمع يقوم على تأويلات الناس فهم يؤولون سلوك بعضهم البعض وبالتي يتم إنشاء روابط وأفعال اجتماعية تقوم على هذا التأويل. 

أولاً: مفهوم نظرية التفاعلية الرمزية 

    تعتبر نظرية التفاعل الرمزية من النظريات السلوكية الاجتماعية، حيث شرعت هذه النظرية بالتركيز علي الوحدات الاجتماعية الصغرى مثل الأسرة وجماعة الأصدقاء، والسلوك الواقعي والمنظور الذي يمارسه الأفراد في مختلف التشكيلات المحددة والمناسبات المألوفة. 

    وبالتالي تُعرف التفاعلية الرمزية علي أنها عملية تفاعل اجتماعي يكون فيها الفرد على علاقة واتصال بعقول الآخرين وحاجاتهم ورغباتهم الكامنة في تحقيق أهدافهم، ويتم استخدامها لتفسير بعض الملاحظات الخاصة بالإنسان وسلوكه وتفاعله مع غيرة من أعضاء مجتمعه، وتلك التفاعلات تقوم علي استخدام الرموز حيث تتخذ أشكالا وصورا مختلفة([1]). 

    وبالنظـر إلى مصطلـح النظرية التفاعلية الرمزيـة نجـد أنه يتضمن مصطلحات عديدة، نذكر فيما يلي مفاهيم هذه المصطلحات([2]): 

    التفاعل Interaction: هو سلسة متبادلة ومستمرة من الاتصالات بين الفرد مع الفرد، أو بين الفرد وجماعة من الأفراد، أو بين جماعة من الأفراد مع جماعة اخرى. 

    الرمــوز Symbols: وهـي مجموعـة مــن الإشــارات المصطنعـة، التـي يستخدمها الناس فيما بينهم بهدف تسهيل عملية التواصل، وهي سمة خاصة فـي الإنسـان، وتشمـل علـى اللغـة والمعانـي والانطباعات والصور الذهنية. 

    فالتفاعليـة الرمزيـة: هـي التفاعل الـذي ينشأ بيـن مختلـف العقـول والمعاني والذي يعد سمة مميزة للمجتمع الإنساني، ويستند هذا التفاعل الاجتماعي على: أخذ الفرد ذاته في عين الاعتبار، وأن يحسب الفرد حساباً للأخرين، بمعنى أن يتفهم ادوارهم ويراعيها، وبالتالي تكون التفاعلية الرمزية معبرة عن التوجه الاجتماعي لعلم النفس الاجتماعي، فهي التي كشفت عن المصادر الاجتماعية للسمات الفريدة للإنسان، وأوضحت أن الفعل والذات هما أبسط صور المجتمع، ووصفت كيف يستطيع أعضاء الجماعات الإنسانية اظهار تصوراتهم للعالم الذي يعيشون فيه، كما ألقت الضوء على عملية التفاعل حيث كشفت أن الناس يشاركون بعضهم بعضاً من خلال هذا التفاعل أكثر من كونهم يستجيبون للسلوك الظاهر المتبادل، فهي بعبارة أخرى وضعت الفرد في قلب المجتمع كما جعلت المجتمع يعيش في الأفراد([3]). 

    كما يُقصد بالتفاعل الرمزي ذلك التفاعل الذي يقوم بين الأفراد، ضن نسق مجتمعي معين، ويظهر ذلك التفاعل في مجموعة من السلوكيات التي يقوم بها فاعل ما، في علاقة بالسلوك الذي يصدر عن الفاعل الآخر، وبتعبير أخر تصدر عن الذوات المتبادلة مجموعة من الأفعال وردود الأفعال في تماثل مع بنية المجتمع، وتتخذ هذه الأفعال معاني ودلالات رمزية متنوعة تستلزم الفهم والتأويل، ومن هنا ركزت المقاربة التفاعلية الرمزية على أفعال الذوات أثناء عمليات التبادل والتواصل في حضن المجتمع، بهـدف تحصيـل المعانـي الاجتماعيـة التـي تعبـر عنهـا تـلك الأفعـال والسلوكيات الرمزية([4]). 

    ويُشير مصطلح التفاعل الرمزي إلى عملية التفاعل الاجتماعي التي يكون فيها الفرد على علاقة واتصال بعقول الآخرين وحاجاتهم ورغباتهم الكامنة ووسائلهم في تحقيق أهدافهم، ولقد استخدم هذا المفهوم في البداية وذلك تمييزاً لنمط من العلاقات الاجتماعية، وكذلك لتفسير بعض الملاحظات الخاصة بالإنسان وسلوكه في تفاعله مع غيره من أعضاء جماعته ومجتمعه في ضوء بعض الرموز والمعاني([5]). 

    وتُعبـر التفاعلـية الرمزيـة عن مختلــف العقــول والمعانـي التـي تميـز المجتمعات الإنسانية، ويتخيل انصارها العلاقة بين الفرد والمجتمع من خلال النظر إليهما باعتبارهما وحدات اجتماعية متلازمة، وإن محاولة فهم أحدهما إنما تتطلب الفهم الكامل للآخر، حيث إنه يمكن فهم المجتمع في ضوء عمل الافراد، وكذلك النظر إلى هؤلاء الأفراد من خلال المجتمعات التي يعيشون فيها، وذلك لأن تلك الكائنات الإنسانية يكون لديها القدرة على أن تعكس ذاتها، وهذه الذوات هي التي تعمل على توجيه السلوك الإنساني في المجتمع([6]). 

ثانياً: رواد النظرية التفاعلية الرمزية: 

    كأي نظرية اجتماعية لها مكانه في أي علم من العلوم الانسانية، تزدهر بجملة من العلماء الأفذاذ، الذين قضوا أعمارهم في محاولة تحقيق أهدافهم وترسيخ مبادئهم وقيمهم، فقد كان لكل عالم وجهته المميزة وأيدولوجيته الخاصة في عرض مبادئه ومناقشته لأفكاره، ومن أبرز وأهم ممثلين النظرية التفاعلية الرمزية: 

1. جورج هربرت ميد George H. Mead (1931-1863): 

    استطاع جورج ميد ان يُبلور الأفكار الأساسية للنظرية الرمزية على نحوٍ مُتقن، فقد كان نتاج عمله كتاباً جمعه تلاميذه بعد وفاته، حصيلة المحاضرات التي كانوا يحضرونها ويدونون فيها أفكاره ومعتقداته، وحمل الكتاب اسم: (Mind, Self and Society, 1934)، حيث كان جورج ميد يعتبر التنشئة الاجتماعية خلاصة عملية التفاعل أولاً مع الأخر ذي الدلالة ثم مع الأخر العام؛ فالطفل في مرحلته الأولى يكون سلوكيات جديدة داخل ألعابه، وفي مرحلته الثانية أن يبلور سلوكياته بطريقة ابداعية نحو الدور الذي يلعبه كما يفهمه، حيث يكون الدور من اختياره وفقاً لميوله ورغباته، وفي مرحلة متقدمة ينتقل الطفل من طريقة اللعب الحر إلى طريقة اللعب المنظم؛ فحين يريد الطفل لعب كرة القدم مثلا يجب عليه احترام قواعد وقوانين معينة للعبه، وأخذ أدوار ومواقع محددة خاصة بها، فكل عنصر في الفريق له علاقة بما يطلق عليه جورج ميد الآخر المعمم أو الأخر العام([7]). 

2. هربرت بلومر (1900-1986) H. Blumer: 

    اتفق هربرت مع جورج ميد على أن التفاعل الرمزي هو السمة التي تميز التفاعل البشري، وأن تلك السمة الخاصة تعمل على ترجمة الرموز والأحداث والأفعال الخاصة بالأفراد، وقد افترض هربرت بشأن النظرية التفاعلية: أن البشر يتصرفون حيال الأشياء وفق ما تعنيه لهم، لا وفق حقيقتها الأصلية الثابتة، وهذه المعاني هي حصيلة التفاعل الاجتماعي، وبالتالي هي قابلة للتبديل والتعديل والتغيير، ويتم استخدامها من خلال عمليات تفسير خاصة بكل فرد في تعامله مع الإشارات والمواقف التي تصادفه، كما افترض بولمر أن التفاعلية الرمزية لا تُحدد ولا تُحصـر بالأفراد فقط، وإنما تحدث بين الأفراد والمؤسسات والمنظمات والجماعات المحلية والطبقات([8]). 

3. إرفنج جوفمان (1982-1922) Erving Goffman: 

    لقد وجه ارفنج اهتماماً واضحاً في تطوير مدخل التفاعلية الرمزية وفي تحليل الأنساق الاجتماعية، وأكد على أن التفاعل بما فيه النمط المعياري والأخلاقي، ما هو إلا انطباع ذهني إرادي يتم ضمن نطاق مواجهة معينة، بالإضافة إلى أن المعلومات المتاحة تُسهم في التعريف عن المواقف، وتوقع الأدوار المُحتملة، وحاول ارفنج توسيع النظريات التي عمل عليها كولي وميد وغيرهما من اتباع النظرية التفاعلية الرمزية، من خلال مدخله المسرحي الذي ارتكز أساساً على العلاقات المباشرة والصـريحة، وقد اعتبر ارفنج المسرح نموذجاً لفهم الحياة الاجتماعية، ونظر إلى المتفاعلين في الحياه الاجتماعية على أنهم أشخاص يقومون مكان الممثلين على المسرح، فمن خلال قيام الممثل بدوره على خشبة المسـرح ومحاولته تقديم هذا الدور بطريقة واضحة ومؤثرة بحيث يستطيع من خلالها عكس هذا الدور على المشاهدين في المسرح وجعلهم يندمجون ويتفاعلون معه، فهذه الطريقة يقوم فيها الممثل بالتعبير عن أفكاره وايصالها للمشاهد من خلال الدور الذي يقدمه([9]). 

ثالثاً: نشأة نظرية التفاعلية الرمزية 

    صـاغ المُفكـر السوسيولوجـي، جـورج هربرت ميد (G. H. Mead)، أسس النظرية التفاعلية الرمزية، والتي ساهمت بدورها في معالجة المضامين التي تخص تفاعل الناس فيما بينهم، سعياً منه لتحقيق المنفعة الذاتية، ونتيجة لهذه النظرية تشكلت مفاهيم الثقافة الفرعية التي وظفت في علم الجريمة وفي عدة فروع أخرى من علم الاجتماع كالشّباب، والشيوخ، والمرأة وغيرهم باعتبارهم أنساق اجتماعية تقوم بأدوار معينه في محيطها الاجتماعي([10]). 

    وتأسست النظرية التفاعلية الرمزية، بصورةٍ فعلية في نهايات القرن التاسع عشر، وشارك في تأسيسها علاوةً على ميّد، جورج زيمل، حيثُ تعتقد التفاعلية الرمزية أن الحياة الاجتماعية شبكة معقدة تنسجها العلاقات والتفاعلات بيّن الأفراد والجماعات فيما بينهم، والتي بدورها تشكل الحياة الاجتماعية، وهذه التفاعلات تأتي على شكل رموز توافق عليها أبناء المجتمع([11]). 

رابعاً: خصائص التفاعلية الرمزية في مرحلة النشأة 

تميزت التفاعلية الرمزية في مرحلة نشأتها الأولى بخصائص أهمها([12]): 

  1. اهتمام أنصار التفاعلية الرمزية بتحديد دور العوامل الاجتماعية باعتبارها عناصر هامة لفهم السلوك الإنساني، من قاعدة ضرورة النظر إلى الأفراد كونهم وحدات متفاعلة فيما بينهم يُطق عليهم الجماعات. 

  2. تأكيد معظم أنصار المنظور التفاعلي الرمزي على بعض افتراضات منها أن تنظيم الحياة الاجتماعية ينبع من داخل المجتمع ذاته، ومن عمليات التفاعل بين أعضاء المجتمع. 

  3. تركز الباحثين في هذا المنظور على ضرورة الاهتمام بعمليات التفاعل الاجتماعي والتي تحدث في سياقات خاصة، وأن ما يحدث فيها من عمليات هي التي تعكس جانب كبير من ردود أفعال الأخرين، كما ان الأشخاص في تفاعلهم مع بعضهم البعض إنما يميل كل منهم إلى التفاعل مع الأخر في ضوء فكرته عن نفسه. 

  4. كان تفسيرهم لنشأة الذات ليس مقصوراً على تلك التفسيرات التي تتحدد في العوامل الفردية، بل يقوم على فكرة مضمونها أن الفرد يكون قادراً على استنتاج دور الأخرين في عقله حتى يتمكن من تكوين أنماط جديدة من الأفعال تجاه نفسه والأخرين. 

  5. اهتمام الكثيرين بالأوضاع الضرورية واللازمة لتدعيم النظام الاجتماعي، وذلك من أجل تقديم فهم أفضل للسلوك، وعملوا على توسيع مفهوم السلوك الرمزي حيث أصبح يتضمن اللغة باعتبارها عنصـراً هاماً من عناصر الاتصال في عملية التفاعل بين الأشخاص في المجتمع، كما أكد البعض أن تحليل الموقف يجب أن يكون موضوعاً أساسياً في الدراسة الاجتماعية، باعتبار الموقف هو الذي يشتمل على العناصر الأساسية من الأشخاص المتفاعلون، ومكان التفاعل، والمعاني التي تظهر في الموقف، والوقت الذي يستغرقه المتفاعل في موقف التفاعل...أخ. 

خامساً: المبادئ الأساسية للتفاعلية الرمزية 

    يحدث التفاعل الاجتماعي بين الأفراد الشاغلين لأدوار اجتماعية معينة ويأخذ زمن يتراوح من أسبوع إلي سنة. 

    بعد الانتهاء من عملية التفاعل يشكل الأفراد المتفاعلون صورا رمزية ذهنية حول الأشخاص الذين يتفاعلون معهم، وهذه الصور لا تعكس جوهر الشخص وحقيقته الفعلية وإنما تعكس الحالة الانطباعية السطحية التي كونها الشخص تجاه الأخر خلال فترة زمنية معينة. 

    وعند تكوين الصورة الانطباعية عن الفرد فإنها تصبح ملاصقة له بمجرد مشاهدته أو السماح عنه أو التحدث إليه من دون التأكد من صحة وماهية هذه الصورة؛ ويعود السبب في ذلك إلى الرموز التي شكلها الشخص تجاه الآخر، وهذه الرموز هي التي تحدد طبيعة التفاعل وشكله([13]). 

سادساً: فرضيات التفاعلية الرمزية 

    تؤكد نظرية التفاعلية الرمزية علي دور اللغة في صياغة الأنشطة الذهنية للأفراد ودورها في الاتصال الاجتماعي في بناء معاني الرموز من خلال التفاعل الاجتماعي، كما أنها تعتبر مدخلا لتفسير كيفية اكتساب الفرد المعاني التي تشكل الصور والانطباعات والتوقعات عن الآخرين بواسطة الرموز، ويمكن تلخيص فروض النظرية كما يلي([14]): 

  1. يعتبر المجتمع نظام تتشكل فيه المعاني والرموز التي تُعد جزءاً من النشاط الاجتماعي الإنساني. 

  2. يتم بناء الحقائق والاتفاق عليها من خلال التفاعل الرمزي بين الافراد في المجتمع. 

  3. تُعتبر الانطباعات التي يكونها الأفراد عن أنفسهم وعن الآخرين بمثابة بناءات شخصية للمعاني الناتجة عن التفاعل الرمزي والتي بدورها تمثل أهم حقائق الحياة الاجتماعي. 

  4. يعتبر السلوك الإنساني حيال المواقف الحياتية المختلفة عبارة عن بناءات شخصية عن الذات وعن الآخرين في المجتمع. 

  5. إن البشـر يتصـرفون تجاه الأشياء علي أساس ما تعنيه لهم تلك الأشياء ووفق ما يرونها بنظرهم. 

  6. المعاني هي نتاج تفاعل الأفراد في المجتمع الإنساني، وهذه المعاني تتغير وتتعدل وتُستخدم عبر عملية فهم وتأويل يستخدمها كل فرد في تعامله مع الإشارات التي يواجهها. 

سابعاً: الانتقادات حول النظرية التفاعلية الرمزية 

    استحقت التفاعلية الرمزية أن تكون في مركز الاهتمامات النقدية للباحثين والدارسين والنقاد الذي كرسوا جهودهم في مجال استكشاف أبعاد هذه النظرية وضبط حدودها، وتحديد معالم قوتها وضعفها ضمن نسق من التصورات النقدية التي استطاعت أن تكشف الغطاء عن تضاريس هذه النظرية وأن ترسم لها مسارات جديدة تمكنها من توجيه منظورها الابداعي في مجال الانتاج المعرفي، تجعلها أكثر قدرة على تطوير مفاهيمها وتسديد خطاها نحو نظرية علمية متكاملة الأركان سوسيولوجيا ومنهجياً، ومن هذه الانتقادات نذكر ما يلي([15]): 

  1. يري بعض العلماء أن التفاعلية الرمزية كنظرية سوسيولوجية تخلت كثيرا عن استخدام الأساليب العلمية التقليدية المُعتاد عليها. 

  2. تعاني التفاعلية الرمزية من الغموض في العديد من التحليلات والتصورات والمفاهيم والمبادئ الأساسية. 

  3. إهمال التفاعلية الرمزية في معظم تحليلاتها دراسة البناءات الكبرى، وهذا ما جعلها غير قادرة علي التنبؤ خاصة في القضايا. 

  4. أكدت التفاعلية الرمزية على طابع التفاعل الرمزي في المجتمع خارج السياقات الاجتماعية والتاريخية لهذا التفاعل، وهذا يعني أنها أهملت الظروف والمعطيات الاجتماعية التي تؤطر حركة التفاعل في جدليات التأثير والتأثر بالظواهر الاجتماعية ومؤسساتها الكبرى. 

  5. لم تستطع التفاعلية تقديم الحجج والبراهين الكافية حول الكيفيات التي تؤدي إلى تشكيل وبناء التكوينات الاجتماعية القائمة. 

  6. قللت التفاعلية الرمزية من أهمية البناءات الاجتماعية، وجعلتها مجرد نتاجات عفوية طبيعية للتفاعل الاجتماعي، وهذا يتناقض مع معطيات التفكير السوسيولوجي وحكمته، فالتفاعل الحر لا يؤدي بالضرورة إلى تشكيل طبقة أو سياسة أو ظاهرة اجتماعية. 

  7. أخفق رواد التفاعلية في تحديد المنهجيات التفاعلية بطريقة واضحة، وقد وقف معظمهم ضد المنهجيات العلمية التي تعتمد في العلوم الطبيعية، وامتد رفضهم الى الرفض الواضح للموضوعية في علم الاجتماع. 

الخاتمة: 

    من خلال استعراض البنية التفاعلية الرمزية ومفاهيمها الرئيسية نلاحظ أن انصارها يؤكدون على أن الحياة الاجتماعية لا تكون إلا نتاجاً للتفاعلات الرمزية التي تقوم فيما بين الأفراد أنفسهم، وفيما بينهم وبين مختلف مظاهر الحياة الاجتماعية بما تنطوي عليه تلك الحياة من وضعيات ومواقف وعمليات مختلفة التعقيدات، وتُعد التفاعلية الرمزية تياراً متدفقاً من الأفكار والتصورات يتمحور حول مركزية العلاقات الرمزية التي تقوم بين الحياة الداخلية للفرد (الذات والعقل)، وبين الحياة الخارجية التي تضعه في مواجهة نشاطه مع معطيات الوسط الاجتماعي بما ينطوي عليه من أفراد وعلاقات ورمزيات وقيم ومعايير سلوكية وأحكام أخلاقية.... وما إلى ذلك، فقد ركزت هذه التفاعلية على فكرة جوهرية تتمثل في أن الهوية الذاتية للفراد لا تتشكل إلا في خوض التفاعل الرمزي مع الأخرين ضمن تواتر التقييم المتبادل بين الفرد والأخر، بين الفعل ورد الفعل الرمزي الذي يشكل أولية البناء الرمزي للهوية. 

    كما ان التفاعلية الرمزية سطّرت نهجاً سوسيولوجياً مبتكراً في معالجة قضايا الحياة اليومية، وفي التأسيس لعلم الاجتماع اليومي، وترسيخ مناهج البحث الذري أو الميكروسوسيولوجي، في مجالي علم الاجتماع والسيكولوجيا الاجتماعية. 

النتائج: 

  1. يُعتبر المبدأ المركزي للنظرية التفاعلية على أن المعنى الذي نستمده وننسبه إلى العالم من حولنا هو بناء اجتماعي ينتج عن طريق التفاعل الاجتماعي اليومي. 

  2. تُعد النظرية التفاعلية الرمزية من النظريات التي تركز على كيفية استخدامنا وتعاملنا مع الأشياء وتفسيرها كرموز للتواصل مع بعضنا البعض، وكيف نخلق ونحافظ على الذات التي نقدمها للعالم، وكيف نخلق ونحافظ على الواقع الاجتماعي معتقدين انه حقيقي. 

  3. اهتمت التفاعلية الرمزية بتحديد دور العوامل الاجتماعية باعتبارها عناصر هامة لفهم السلوك الإنساني، من قاعدة ضرورة النظر إلى الأفراد كونهم وحدات متفاعلة فيما بينهم يُطق عليهم الجماعات. 

  4. تقوم التفاعلية الرمزية على مبدأ أن الأفراد المتفاعلون يشكلون صوراً رمزية ذهنية حول الأشخاص الذين يتفاعلون معهم، وهذه الصور لا تعكس جوهر الشخص وحقيقته الفعلية وإنما تعكس الحالة الانطباعية السطحية التي كونها الشخص تجاه الأخر خلال فترة زمنية معينة. 

المصادر والمراجع: 

  • كريب، ايان (1999). النظرية الاجتماعية من بارسونر إلى هابرماس. عالم المعرفة: الكويت، ترجمة محمد حسين غلوم. 

  • مختار، أسماء (2023). بحث شامل حول نظرية التفاعلية الرمزية في الإعلام. متاح على الرابط: https://2u.pw/61V27LQ. 

  • زايد، أحمد (1981). علم الاجتماع بين الاتجاهات الكلاسيكية والنقدية. دار المعارف للنشر والتوزيع: القاهرة، مصر. 

  • جابر، سامية (1989). الفكر الاجتماعي نشأته واتجاهاته وقضاياه. ط1. دار العلوم العربية للطباعة والنشر: القاهرة، مصر . 

  • عيشور، نادية (2020). محاضرات في النظريات السوسيولوجية الحديثة. جامعة سطيف، الجزائر. 

  • مسلم، عدنان (2003). محاضرات في علم الاجتماع (المحاضرة السادسة): نظريات اجتماعية. مديرية الكتب الجامعية: دمشق. 

  • حمداوي، جميل (2015). نظريات علم الاجتماع. ط1. جامع الكتب الاسلامية، على الرابط: https://2u.pw/1QoIvmJ. 

  • غنيم، السيد (2008). النظرية المعاصرة في علم الاجتماع. دار المعرفة الجامعية للطباعة والنشر والتويع: الاسكندرية، مصر.

  •  Guy E. Swanson, «Symbolic Interaction», In: International Encyclopedia Of Social Science, Navid Sills (et Ol), (editors), The Macmillan Company, Vol., 4, 1968, P. 442. 

  • B. N. Neltzer, (Et Ol), Symbolic Interactionism: Gensis, Varieties And Criticism, London, Routlecge & Kegan Paul, 1975, PP. 1-2. 

  • Tamotsu Shibutani, (Georg H. Mead), In: International Encyclopedia of Social Science, David Sills, (et. al), (ed - i), N. Y., The Macmillan Company,Vol., 10, 1968, pp. 83-84. 

  • Lewis A., Coser, Masters of Sociological Thought, 2nd., Edition.U. S. A., Harcourt Brace Jovanvich, 1977. 

  • ([1]) مختار، أسماء (2023). بحث شامل حول نظرية التفاعلية الرمزية في الإعلام. متاح على الرابط: https://2u.pw/61V27LQ. ([2])

  •  Guy E. Swanson, «Symbolic Interaction», In: International Encyclopedia Of Social Science, Navid Sills (et Ol), (editors), The Macmillan Company, Vol., 4, 1968, P. 442. 

  • ([3]) مسلم، عدنان (2003). محاضرات في علم الاجتماع (المحاضرة السادسة): نظريات اجتماعية. مديرية الكتب الجامعية: دمشق. 

  • ([4]) حمداوي، جميل (2015). نظريات علم الاجتماع. ط1. جامع الكتب الاسلامية، على الرابط: https://2u.pw/1QoIvmJ ([5])

  •  Guy E. Swanson, «Symbolic Interaction», In: International Encyclopedia Of Social Science, Navid Sills (et Ol), (editors), The Macmillan Company, Vol., 4, 1968, P. 442. 

  • ([6]) غنيم، السيد (2008). النظرية المعاصرة في علم الاجتماع. دار المعرفة الجامعية للطباعة والنشر والتويع: الاسكندرية، مصر. 

  • ([7]) Tamotsu Shibutani, (Georg H. Mead), In: International Encyclopedia of Social Science, David Sills, (et. al), (ed - i), N. Y., The Macmillan Company,Vol., 10, 1968, pp. 83-84. 

  • ([8]) B. N. Neltzer, (Et Ol), Symbolic Interactionism: Gensis, Varieties And Criticism, London, Routlecge & Kegan Paul, 1975, PP. 1-2. 

  • ([9]) Lewis A., Coser, Masters of Sociological Thought, 2nd., Edition.U. S. A., Harcourt Brace Jovanvich, 1977. 

  • ([10]) جابر، سامية (1989). الفكر الاجتماعي نشأته واتجاهاته وقضاياه. ط1. دار العلوم العربية للطباعة والنشر: القاهرة، مصر . 

  • ([11]) عيشور، نادية (2020). محاضرات في النظريات السوسيولوجية الحديثة. جامعة سطيف، الجزائر. 

  • ([12]) زايد، أحمد (1981). علم الاجتماع بين الاتجاهات الكلاسيكية والنقدية. دار المعارف للنشر والتوزيع: القاهرة، مصر. 

  • (([13] مختار، أسماء (2023). بحث شامل حول نظرية التفاعلية الرمزية في الإعلام. متاح على الرابط: 

  • https://2u.pw/61V27LQ. ([14]) مختار، أسماء (2023). بحث شامل حول نظرية التفاعلية الرمزية في الإعلام. متاح على الرابط: https://2u.pw/61V27LQ. 

  • ([15]) كريب، ايان (1999). النظرية الاجتماعية من بارسونر إلى هابرماس. عالم المعرفة: الكويت، ترجمة محمد حسين غلوم.

whatsApp.Icon-01.png
bottom of page